النواحي الفنية في الكتاب من أهم ما يؤاخذ به كتابنا هذا ، اعتماده على المراسيل في الأحاديث ، وتسجيل كل ما يرى أمامه من المنقولات : غثها وسمينها ، من دون إشارة إلى التمييز ولا إلى المصادر ، حتى نقل كثيرا عن إحياء العلوم ، وتعمد النقل عن مثل جامع الأخبار ومصباح الشريعة ، اللذين يشهد أسلوبهما على وضع أكثر ما فيهما . وقد وجدنا صعوبة كبيرة في العثور على جملة من مصادر هذه المنقولات لتصحيحها . وقد يستغرق البحث للعثور على مصدر خبر واحد أياما كما قد يذهب البحث سدى . وما كان يهمنا من الرجوع إلى المصادر إلا تصحيح المنقولات لا إثبات مصادرها ، فلذلك لا نشير في الحاشية إلى المصدر إلا إذا وجدنا اختلافا في نصه في النسخ ، فنقول : صححناه على كذا مصدر . وبهذه المناسبة لا بد من الاعتراف بالجميل ، فتذكر الأستاذ الفاضل السيد عبد الرزاق المقرم بالشكر لما أعاننا عليه من الفحص عن بعض الروايات . والذي يهون الخطب في هذه المؤاخذة - على أن لها قيمتها الفنية - أنها لا تختص بهذا الكتاب وحده من بين كتب الأخلاق الإسلامية ، بل هذا ديدنها ، وكأن هو أصحابها من الاستشهاد بالمنقولات نفس أداء الفكرة ، فإذا كانت بحسب نظرهم صحيحة مقبولة في نفسها فلا يجب عندهم أن يكون الحديث الذي يتضمنها صحيحا مقبولا في عرف أهل الحديث ، فإذا قال المحدث : " قال النبي والإمام كذا " ، يعني بذلك أن هذا القول ثابت بالنقل الصحيح الموثوق به ، وإلا فيقول " روى عنه كذا " أو ما يشبه ذلك ، أما الأخلاقي فلا يعني بذلك القول إلا أنه مروي عنه بأي طريق كان . ولعل لهذا التسامح عذرا مقبولا في مذهبهم على ما قدمنا ، لو لم تكن فيه إساءة إلى أمانة النقل في أهم تراث إسلامي ديني ، في حين كان الممكن تحاشيها بقليل من التحقيق والبحث ، على أن في الثابت الصحيح عن آل البيت - عليهم السلام - ما فيه الكفاية للإلمام بنواحي الأخلاق المطلوبة ، وما في ( الكافي ) كاف وحده في هذا الباب . وكنا نتمنى - أثناء التصحيح - على صاحب كتابنا هذا ألا يتبع هذه العادة عند الأخلاقيين ، فيزيد على فائدته الأخلاقية فائدة أخرى في تحقيق الأحاديث الصحيحة .