أما أسلوب الكتاب الأدبي ، فهو يمثل إلى حد ما عصره الذي ضعفت فيه اللغة إلى حد كبير ، بالرغم على أن الفلاسفة الإشراقيين اشتهروا في تلك العصور بحسن البيان وقوة الأسلوب ، لا سيما في العصر السابق على عصر المؤلف ، كالسيد الداماد العظيم المتوفى 1041 ، وتلميذه النابغة الجليل المولى صدرا المتقدم ذكره ، حتى كان يسمى الأول : أمير البيان ، ولعل الثاني أحق بهذا اللقب . غير أن صاحبنا لا يحسب في عداد الفلاسفة وإن ارتشف من منهلهم . على أنه كان يقتبس كثيرا نص عبارات غيره استراحة إليها . وهذه سنة مستساغة عند المؤلفين الأخلاقيين ، وكأن كتبهم يجدونها مشاعة بين الجميع ، أو لأن همهم أداء الفكرة كما كان عذرهم في مراسيل الأحاديث . وبهذه المناسبة نقول : إنا وجدنا أثناء تصحيح الكتاب كثيرا من الألفاظ والعبارات مما لم نجد له مسوغا من اللغة العربية ، ككلمة ( القادسة ) و ( الهلاكة ) . ، ففضلنا أن نبقيها على ما وجدناها ، حرصا على أمانة النقل وأهملنا التنبيه عليها ، ومثل كلمة ( سيما ) فضلنا أن نصححها ونضع كلمة ( لا ) بين قوسين إشارة إلى زيادتها منا . وإذا كانت أمانة النقل هي العذر لنا في ذلك ، فهي التي تقضي علينا أن نصرح أن عناوين الكتاب على الأكثر هي من وضعنا لا من وضع المؤلف . وأما أسلوبه العلمي ، فقد بناه مؤلفه من أوله إلى آخره على نظرية الوسط والأطراف في الأخلاق ، تلك النظرية الموروثة من الفلسفة اليونانية . وقد بحث عنها المؤلف في ( الجزء الأول ص 59 ) . وليس من حقنا أن نناقشها ، ولا يمتاز بها هذا الكتاب وحده ، فإن شأنه في الاعتماد على هذه النظرية الأساسية شأن سائر كتب الأخلاق الإسلامية العلمية . ولكن الذي امتاز به كتابنا - بعد أن بحث مؤلفه بحثنا فلسفيا متوسطا عن النفس وقواها ، والخير والسعادة ، والفضائل والرذائل ، في البابين الأول والثاني ، كما صنع أسلافه - أن جعل أساس تقسيمه للكتاب على القوى الثلاث : العاقلة والشهوية والغضبية ، معللا ذلك بأن " جميع الفضائل والرذائل لا تخرج عن التعلق بالقوى الثلاث " ( 1 / 66 ) . وذكر لكل قوة ما يتعلق بها من أجناس الفضائل والرذائل منفردة ومنضمة إلى الأخرى ، ثم ذكر