الأنثى ذكوريا كما في النساء الشريفة النفوس القوية القوى ، وكان مزاج كبدها حارا ، كان المني المنفصل عن كليتها اليمنى أحر كثيرا من المنفصل عن كليتها اليسرى ، فإذا اجتمعا في الرحم ، وكان مزاج الرحم قويا في الامساك والجذب ، قام المنفصل عن الكلية اليمنى مقام مني الذكر في شدة قوة العقد ، والمنفصل من اليسرى مقام مني الذكر في شدة قوة العقد ، والمنفصل من اليسرى مقام مني الأنثى في قوة الانعقاد ، فيختلق الولد ، وبهذا تصحح ولادة مريم البتول عليها السلام حيث تمثل لها روح القدس بشرا سويا حسن الصورة ، فمع تحقق ما ذكر لها تأيدت به - أي بروح القدس - وسرى أثر اتصالها به إلى الطبيعة والبدن ، وتغير مزاجها ومد جميع القوى في أفعالها بالمدد الروحاني ، فصارت أقدر على أفعالها بما لا ينضبط بالقياس ثم ابتدأ خلق الجنين في استقرار الماءين في الرحم ، وشبه بالعجين إذا ألصق بالتنور ، فغيره الله تعالى سبحانه عن حاله قليلا . كالبذر إذا نبت من الأرض ، فصارت نطفة ، فاستجلب دم الحيض من أعماق العروق إليها ، حتى ظهرت فيها نقط دموية منه وصارت علقة . ثم أظهر فيها حمرة ظاهرة حتى صار شبيها بالدم الجامد ، وهيج فيها ريحا حارة فصارت مضغة . ثم أظهر فيها رسوم الأعضاء وشكلها وصورها ، فأحسن تصويرها ، فقسم أجزاءها المتشابهة إلى أجزاء مختلفة من العظام والأعصاب والعروق والأوتار واللحم والشحم ثم ركب الأعضاء الظاهرة والباطنة من اللحم والعروق والأعصاب ، فدور الرأس ، وشق البصر والسمع والفم والأنف وسائر المنافذ ، ومد إليه والرجل ، وقسم رؤوسها بالأصابع وقسم الأصابع بالأنامل ، وخلق كل واحد من القلب والدماغ والكبد والطحال والمعدة والرئة والرحم والمثانة والأمعاء وغيرها من الأعضاء على شكل مخصوص ، وجعل لكل واحد منها عملا معينا وفعلا مخصوصا ، وجميع ذلك يحصل للجنين وهو في ظلمة الأحشاء محبوس وفي دم الحيض مغموس ، منضم في صرة ، كفاه على خديه ، ومرفقاه على حقويه ، جمعت ركبتاه على صدره وذقنه على رأس ركبتيه ، وهو كشبه نائم ، سرته متصلة بسرة أمه يمتص منها الغذاء ، ووجهه إلى وجهها إن كان أنثى وإلى ظهرها إن كان ذكرا . فتتوارد عليه تلك النقوش العجبية والتصويرات الغريبة من غير خبر منها له وللرحم ، ولا للأب والأم ، ولا يرى داخل