وكنا نسمع من قريب أصوات قيثارة ، كأن أهلها في عرس ، فنظرنا فإذا هم بدوٌ يَسْمَرُون ! جلسوا حلقة ذات اليمين وذات الشمال ، كأنهم أكثروا من الطعام فاتكؤوا ، وأباريق القهوة في وسطهم ، وأحدهم يصدح بقيثارته بلحن الرقص والدبكة ، بينما كانوا بحاجة إلى لحن ينامون عليه ! قدرت أنهم رعاة في تلك المناطق ، أو هَجَّانة ، موظفون كحرس حدود ، ولم أرَ فيهم من صفات عرب البادية الذين قرأنا عنهم إلا أنهم من نسلهم ! مهما يكن ، فليس قَصْدُنا هذا المقهى ولا أولاء البدو ، وإنما النجف . وفي صبيحة اليوم التالي وصلنا إلى بغداد ، وأخذنا سيارة إلى النجف . 3 - في المدرسة العاملية في النجف حطَّ رحالنا في النجف الأشرف ، وأنزلني أقرباؤنا في المدرسة العاملية ، ثم ذهبنا إلى زيارة كبير العامليين آية الله الشيخ محمد تقي الفقيه ، فرحب بي وسألني عن أستاذي الشيخ إبراهيم ، وعن دراستي ، وأبدى إعجابه . وأمرهم أن يعطوني غرفة في المدرسة ، وأن يعمموني ، وكنت ألبس عقالاً ، وأمرهم أن لا أخرج وحدي ، وأن يكون الشيخ مفيد مسؤولاً عن أموري ، وقال لي : بإمكانك أن تحضر عندي درس المعالم واللمعة . ودعانا الشيخ مفيد لطعام العشاء ، وكان كبير العامليين بعد عمه الشيخ محمد تقي . وفي اليوم التالي ذهبت معه إلى زيارة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ،