وفي ذلك الصيف واصلت دراستي حتى يحين موعد سفري إلى النجف ، وذهبت قبل الموعد بأسبوعين ، لأودع أهلي وأقاربي في قريتنا ياطر . أما زميلي الشيخ نجيب ( رحمه الله ) فتأخر سفره إلى النجف نحو سنة ، لظروفه . 2 - من برج أبي حيدر . . إلى النجف ودعتُ قريتنا ولم أودع جبالها وأوديتها ، فقد كان الوقت ضيقاً ، وأمرني الوالد ( رحمه الله ) أن أدور على أقاربنا فأودعهم ، وكنت أذهب إلى بيروت لمتابعة صدور الجواز من الأمن العام ، وتأشيرة السفارة العراقية . ولم أودع السيد شرف الدين قدس الله نفسه الزكية ، فقد توفي في تلك السنة ، وكانت أول سنة يمرُّ صيفها على قريتنا بدونه ! كنا نصلي في المسجد الجديد الذي بناه وسط القرية ، والجميع يتذكرونه ويقولون : المقدس السيد عبد الحسين ، ويقرؤون له الفاتحة . أكملت وداع الأقارب في القرية ، وإخوتي وأخواتي ، وكانت الوالدة رحمها الله تبكي وتدعو ، ثم ودعتها وهي تشمني وتبكي ، وتقول : كفَّلتك لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ! لكن جدتي لوالدي كانت من نوع آخر ، كان عمرها أكثر من مئة وعشر سنوات ، وهي في صحة جيدة وحالة ذهنية يقظة ! فقالت وهي تودعني : هنيئاً لك يا علي ، سلم لي على أمير المؤمنين والأئمة ، وزرهم عني .