نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 371
في الفروع ، وذهب الحشوية والتعليمية إلى أن طريق معرفة الحق التقليد ، وأن ذلك هو الواجب ، وأن النظر والبحث حرام ، ويدل على بطلان مذهبهم مسالك . الأول : هو أن صدق المقلد لا يعلم ضرورة ، فلا بد من دليل ، ودليل الصدق المعجزة ، فيعلم صدق الرسول عليه السلام بمعجزته ، وصدق كلام الله بأخبار الرسول عن صدقه ، وصدق أهل الاجماع بأخبار الرسول عن عصمتهم ، ويجب على القاضي الحكم بقول العدول لا بمعنى اعتقاد صدقهم ، لكن من حيث دل السمع على تعبد القضاة باتباع غلبة الظن صدق الشاهد أم كذب ، ويجب على العامي اتباع المفتي ، إذ دل الاجماع على أن فرض العوام اتباع ذلك كذب المفتي أم صدق أم أصاب فنقول : قول المفتي والشاهد لزم بحجة الاجماع ، فهو قبول قول بحجة فلم يكن تقليدا ، فإنا نعني بالتقليد قبول قول بلا حجة ، فحيث لم تقم حجة ولم يعلم الصدق بضرورة ولا بدليل فالاتباع فيه اعتماد على الجهل . المسلك الثاني : أن نقول : أتحيلون الخطأ على مقلدكم أم تجوزونه ، فإن جوزتموه فإنكم شاكون في صحة مذهبكم وإن احلتموه فبم عرفتم استحالته ؟ بضرورة أم بنظر أو تقليد ولا ضرورة ولا دليل ؟ فإن قلدتموه في قوله أن مذهبه حق ، فبم عرفتم صدقه في تصديق نفسه ؟ وإن قلدتم فيه غيره ، فبم عرفتم صدق المقلد الآخر وإن عولتم على سكون النفس إلى قوله ، فبم تفرقون بين سكون نفوسكم وسكون نفوس النصارى واليهود ؟ وبم تفرقون بين قول مقلدكم إني صادق محق وبين قول مخالفكم ؟ ويقال لهم أيضا في إيجاب التقليد هل تعلمون وجوب التقليد أم لا ، فإن لم تعلموه فلم قلدتم ؟ وإن علمتم فبضرورة أم بنظر أو تقليد ، ويعود عليهم السؤال في التقليد ، ولا سبيل لهم إلى النظر والدليل ، فلا يبقى إلا إيجاب التقليد بالتحكم ، فإن قيل : عرفنا صحته بأنه مذهب للأكثرين فهو أولى بالاتباع ؟ قلنا : وبم أنكرتم على من يقول الحق دقيق غامض لا يدركه إلا الأقلون ويعجز عنه الأكثرون ، لأنه يحتاج إلى شروط كثيرة من الممارسة والتفرغ للنظر ونفاذ القريحة والخلو عن الشواغل ، ويدل على أنه عليه السلام محقا في ابتداء أمره وهو في شرذمة يسيرة ، على خلاف الأكثرين ، وقد قال تعالى : ( وان تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) ( الانعام : 611 ) كيف وعدد الكفار في زماننا أكثر ، ثم يلزمكم أن تتوقفوا حتى تدوروا في جميع العالم وتعدوا جميع المخالفين فإن ساووهم توقفوا وإن غلبوا رجحوا ، كيف وهو على خلاف نص القرآن ، قال الله تعالى : * ( وقليل من عبادي الشكور ) * ( سبأ : 31 ) * ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) * ( الانعام : 37 الأعراف 131 ، القصص 13 الدخان 39 ، الطور : 47 ) * ( وأكثرهم للحق كارهون ) * ( المؤمنون : 70 ) فإن قيل : فقد قال عليه السلام : عليكم بالسواد الأعظم ، ومن سره أن يسكن بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ، والشيطان مع الواحد ، وهو من الاثنين أبعد قلنا : أولا : بم عرفتم صحة هذه الأخبار وليست متواترة ؟ فإن كان عن تقليد فبم تتميزون عن مقلد اعتقد فسادها ؟ ثم لو صح فمتبع السواد الأعظم ليس بمقلد ، بل علم بقول الرسول وجوب اتباعه ، وذلك قبول ، قول بحجة وليس بتقليد ، ثم المراد بهذه الاخبار ذكرناه في كتاب الاجماع ، وأنه الخروج عن موافقة الامام أو موافقة الاجماع ، ولهم شبه الشبهة الأولى قولهم : إن الناظر متورط في شبهات ،
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 371