responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 344


وإن لم يمارس صاحبه صنعة الكلام فهذا من لوازم منصب الاجتهاد حتى لو تصور مقلد محض في تصديق الرسول وأصول الايمان لجاز له الاجتهاد في الفروع . أما المقدمة الثانية فعلم اللغة والنحو أعني القدر الذي يفهم به خطاب العرب وعادتهم في الاستعمال إلى حد يميز بين صريح الكلام وظاهره ومجمله ، وحقيقته ومجازه ، وعامه وخاصه ، ومحكمه ومتشابهة ومطلقه ومقيده ونصه وفحواه ، ولحنه ومفهومه ، والتخفيف فيه أنه لا يشترط أن يبلغ درجة الخليل والمبرد وأن يعرف جميع اللغة ويتعمق في النحو ، بل القدر الذي يتعلق بالكتاب والسنة ويستولي به على مواقع الخطاب ودرك حقائق المقاصد منه ، وأما العلمان المتممان فأحدهما : معرفة الناسخ والمنسوخ من الكتاب والسنة ، وذلك في آيات وأحاديث مخصوصة ، والتخفيف فيه أن لا يشترط أن يكون جميعه على حفظه ، بل كل واقعة يفتي فيها بآية أو حديث فينبغي أن يعلم أن ذلك الحديث وتلك الآية ليست من جملة المنسوخ ، وهذا يعم الكتاب والسنة . الثاني : وهو يخص السنة معرفة الرواية ، وتمييز الصحيح منها عن الفاسد والمقبول عن المردود ، فإن ما لا ينقله العدل عن العدل فلا حجة فيه ، والتخفيف فيه أن كل حديث يفتى به مما قبلته الأمة ، فلا حاجة ، به إلى النظر في إسناده ، وإن خالفه بعض العلماء فينبغي أن يعرف رواته وعدالتهم ، فإن كانوا مشهورين عنده كما يرويه الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر مثلا اعتمد عليه ، فهؤلاء قد تواتر عند الناس عدالتهم وأحوالهم والعدالة إنما تعرف بالخبرة والمشاهدة ، أو بتواتر الخبر ، فما نزل عنه فهو تقليد ، وذلك بأن يقلد البخاري ومسلما في أخبار الصحيحين ، وإنهما ما رووها إلا عمن عرفوا عدالته فهذا مجرد تقليد ، وإنما يزول التقليد بأن يعرف أحوال الرواة بتسامع أحوالهم وسيرهم ، ثم ينظر في سيرهم أنها تقتضي العدالة أم لا ، وذلك طويل ، وهو في زماننا مع كثرة الوسائط عسير . والتخفيف فيه أن يكتفي بتعديل الإمام العدل بعد أن عرفنا أن مذهبه في التعديل مذهب صحيح ، فإن المذاهب مختلفة فيما يعدل به ويجرح فإن من مات قبلنا بزمان امتنعت الخبرة و المشاهدة في حقه ، ولو شرط أن تتواتر سيرته فذلك لا يصادف إلا في الأئمة المشهورين ، فيقلد في معرفة سيرته عدلا فيما يخبر فنقلده في تعديله ، بعد أن عرفنا صحة مذهبه في التعديل فإن جوزنا للمفتي الاعتماد على الكتب الصحيحة التي ارتضى الأئمة رواتها قصر الطريق على المفتي ، وإلا طال الامر ، وعسر الخطب في هذا الزمان مع كثرة الوسائط ، ولا يزال الامر يزداد شدة بتعاقب الاعصار ، فهذه هي العلوم الثمانية التي يستفاد بها منصب الاجتهاد ومعظم ذلك يشتمل عليه ثلاثة فنون : علم الحديث ، وعلم اللغة ، وعلم أصول الفقه ، فأما الكلام وتفاريع الفقه فلا حاجة إليهما ، وكيف يحتاج إلى تفاريع الفقه وهذه التفاريع يولدها المجتهدون ويحكمون فيها بعد حيازة منصب الاجتهاد ، فكيف تكون شرطا في منصب الاجتهاد وتقدم الاجتهاد عليها شرط ، نعم : إنما يحصل منصب الاجتهاد في زماننا بممارسته ، فهو طريق تحصيل الدربة في هذا الزمان ولم يكن الطريق في زمان الصحابة ذلك ، ويمكن الآن سلوك طريق الصحابة أيضا .
دقيقة في التخفيف يغفل عنها الأكثرون : اجتماع هذه العلوم الثمانية ، إنما يشترط في

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست