responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 80


قال علي : ومما يبين أن الله تعالى يؤخر البيان قبل أن يريد منا تعالى العمل بالحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى يعرض في الخمر ، فمن كان عنده منها شئ فليبعها ، فما أتى الوقت الذي أراد الله تعالى أن يوجب علينا اجتنابها أنزل الآيات في تحريمها ، وتلا ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس من وقته وقد يزيد عليه السلام بيانا بعد تقدم البيان قبله ، فيكون تأكيدا وإخبارا لمن يبلغه الخبر الأول ، كما نزلت الصلوات الخمس بمكة مبينة بأوقاتها ، ثم سأل السائل بالمدينة عن أوقاتها وأوائلها وأواخرها فأراه عليه السلام ذلك بالعمل ، وقد بينها أيضا بكلامه عليه السلام لغير ذلك السائل .
وكما أخر الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم بيان المناسك قبل أن يأتي وقت وجوب عملها ، فلما أتى وقت وجوبها بينها له عليه السلام ، فبينها عليه السلام بفعله غير مؤخر لها ، ومن ادعى أنه عليه السلام كان عنده بيان المناسك وكتمها عن أصحابه ، ومنعهم الاجر بالعلم بها وبالاقرار بجملتها ، فقد افترى وكذب نبيه صلى الله عليه وسلم إذ يقول : إن حقا على كل نبي أن يدل أمته على أحسن ما يعلمه لهم ومن قال بهذا فقد أكذب ربه تعالى إذ يقول عز وجل واصفا لنبيه صلى الله عليه وسلم : * ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) * وإذا كتمهم ما يستعجلون الاجر بالاقرار به ويزدادون علما بفهمه ، فقد خالف الصفة التي ذكرها الله تعالى ، ومن قال ذلك فقد فارق الاسلام .
فإن قال قائل : فأنت تصف الآن محمدا صلى الله عليه وسلم بأنه يريد أن يزداد أهل الأرض خيرا ، وهذا خلاف قولك إن الله عز وجل لم يرد هذا بكل الناس ، فقد وصفت محمدا صلى الله عليه وسلم بأفضل مما وصفت به الله عز وجل ، وبأنه أرأف بنا من الله تعالى .
قال علي : فنقول وبالله التوفيق : هذه شغيبة ضعيفة ، وإنما يماثل بين الشيئين أو يفاضل بينهما ، إذا كانا واقعين تحت نوع واحد ، أو تحت جنس واحد ، وليس صفتنا لله تعالى من نوع صفتنا للمخلوقين ، ورحمة محمد صلى الله عليه وسلم بالناس هي من جنس تراحمنا بعضنا لبعض ، إلا أنها أعلى من كل رحمة لإنسي ، وأكمل وأتم وأدوم ، وليس الله تعالى واقعا معنا تحت نوع البشرية كوقوع محمد

نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست