responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 81


صلى الله عليه وسلم معنا تحتها ، وإن كان أفضل من كل من دونه ، ولا يثنى على الله عز وجل بما يثني به على خلقه ، ألا ترى أننا نصف الله عز وجل مثنين عليه بأنه جبار متكبر ؟ وهذا في كل مخلوق دونه تعالى ذم شديد ، واستنقاص عظيم ، ونصفه تعالى بأنه ذو غضب شديد ، أنه يفعل ما يريد ، وأنه ذو مكر لا يؤمن .
وكل هذا لو وصفنا به مخلوقا لكان ذما ونقصا . ونمدح المخلوقين بالعقل والكيس ، والنبل والنجدة والعفة وكل هذا لا يجوز أن يوصف به الله عز وجل ، فمن أراد أن يقيس رحمة الله تعالى لخلقه برحمة نبيه صلى الله عليه وسلم لهم فقد ألحد في وصفه لربه تعالى ، وقد علمنا يقينا أن الله عز وجل لم يرد قط أن يهدي أبا طالب ولو شاء أن يؤمن لشرح صدره للاسلام ، بل أراد أن يعذبه في نار جهنم أبدا ، وعلمنا يقينا أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان من أبعد آماله أن يؤمن أبو طالب ، وقد كفانا الله تعالى ذلك بقوله : * ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين ) * .
فأما من آمن بالله فالله أرأف به من نفسه بنفسه ، ومن محمد صلى الله عليه وسلم ومن أبيه وأمه اللذين ولداه . لأنه جازاه على ذلك بما لو ملك الاختيار لم يبلغ مقدار ما أعطاه الله تعالى في الجنة ، ولا سمح له أبواه بذلك ، ولأنه تعالى غفر له ما لو فعله عاصيا لأبيه ما غفر له ذلك ، فإن الرجل يزني بأمة الله تعالى فيغفر له بالتوبة ، وبموازنة حسناته لسيئاته ، ولو زنى بأمة أبيه لقطعه .
وأما من لم يؤمن فما أراد الله به خيرا قط ، ولو أراد به خيرا لأماته سقطا ، فمن قال : إن الله تعالى لم يقدر على ذلك فقد ألحد ووصف ربه تعالى بغاية النقص ، ومن قال :
إن الله تعالى أراد الخير بفرعون فنحن نباهله ونقول : اللهم لا ترد بنا من الخير ما أردته بفرعون ، فليدع ربه تعالى أن يريد به من الخير ما أراده بفرعون .
فإن شغب مشغب فقال : إنك الآن تصف محمدا صلى الله عليه وسلم بأنه أراد غير ما أراد الله عز وجل ، وبالله تعالى التوفيق : وهذه شغيبة ضعيفة كالتي قبلها .

نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست