نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 78
وقد اعترض في هذا بعض من منع من تأخير البيان جملة بأن قال : قد كان يجب أن يعلم إبراهيم عليه السلام أن لوطا خارج عن العذاب لقولهم إن أهلها كانوا ظالمين ولوط ليس ظالما قيل لهم وبالله تعالى التوفيق . يمكن أن يحدث من لوط ما يستحق به الظلم فأشفق إبراهيم عليه السلام من ذلك فسأل عنه وقد أجعل لنوح عليه السلام خلاص أهله ، فظن أن الأهل هم القرابة حتى بين له بعد ذلك أن المراد بأهله أهل دينه فإن قال قائل : فما المراد من المجمل الوارد قبل ورود بيانه ؟ قيل له وبالله تعالى التوفيق . المراد منا فيه هو المراد منا في المتشابه الذي أمرنا بأن نبحث عنه ، ولا نبتغي تأويله ، وأن يقول كل من عند ربنا ، وأما المراد فيه فالذي يأتي به البيان إذا أتى ويبين قولنا قول الله تعالى : ( يبين الله لكم ان تضلوا ) فإنما يبين لنا لئلا نضل ولا ضلال في ورود الامر ما لم يأت وقت وجوب العمل به ، فأما إذا جاء وقت وجوب العمل به فلو تركنا نعمل بغير ما أريد منا لكنا قد ضللنا ، وقد أخبرنا تعالى بأن ذلك لا يكون ، وقوله تعالى صدق وحق بالله تعالى التوفيق . فعلى هذا الوجه منعنا من تأخير البيان عند وجوب العمل ، وإلا فليس في العقل ما يمنع من ذلك لو شاء تعالى ، ولو فعل الله تعالى ذلك لكان تعنيتا لنا ، وقد أخبرنا تعالى فقال : * ( ولو شاء الله لأعنتكم ) * فأخبر تعالى أنه لو أراد أن يكلفنا العنت فعل ، وهذا نفس قولنا وبالله تعالى التوفيق . قال علي : يختلف في الوضوح ، فيكون بعضه جليا ، وبعضه خفيا ، فيختلف الناس في فهمه فيفهمه بعضهم ويتأخر بعضهم عن فهمه ، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إلا أن يؤتي الله رجلا فهما في دينه ، وكما تعذر على عمر رضي الله عنه ، وهو الغاية في العلم بنص النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فيه - فهم آية الكلالة فمات وهو يقر أنه لم يفهمها وفهمها غيره من الصحابة رضي الله عنهم ،
نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 78