نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 77
الأمة مائة ويحرم برضعة واحدة أم كيف يفعل ؟ فإن قلتم : ينفذ ما سمع على جملته ، كنتم قد أمرتموه بالباطل ، وإن قلتم : لا يفعل ، أمرتموه بمعصية ما سمع من القرآن . فالجواب : أننا لم نجد قط تأخير ورود البيان عن وقت وجوب العمل ، وأما قبل وجوبه فليس يلزمه إلا الاقرار بالجملة ، وأن يقول : سمعت وأطعت ، ولا مزيد إذا لم تكن مبينة مفهومة مثل قوله تعالى : * ( وآتوا الزكاة ) * فهذا ليس عليه إلا الاقرار بتصديق ذلك كما قلنا فقط . إذ لم يأته بيان ما كلف من ذلك ، وأما إن كان النص مفهوما بينا فعليه العمل به حتى يبلغه نسخه ، أو تخصيصه ولا بد ، إذا من قال : لا يلزمه العمل بما بلغه من ذلك فقد قال له : لا تطع ربك ، ولا تعمل بما أمرك فلعل ههنا نصا ناسخا لهذا النص ، أو نصا مخصصا له ، وهذا خلاف أمر الله تعالى في القرآن بطاعته . ومن طرد هذا القول السخيف لزمه ألا يعمل بشئ من القرآن ، ولا السنن أبدا . حتى يستوعب معرفة جميع أحكام القرآن ، وضبط جميع السنن ، وفي هذا الخروج عن الاسلام وإبطال الشريعة قال علي : ونسألهم في رد هذا السؤال عليهم فنقول : ما الذي يلزم من سمع أمرا ما ، والرسول عليه السلام حي مما جاء النسخ بعد ذلك فيه ، أيعتقد في ذلك الامر التأييد فيكون معتقدا للباطل . أو يعتقد فيه السقوط بعد حين فيعتقد المعصية لما سمع ؟ فجوابهم ها هنا جوابنا آنفا فيما سألونا عنه ، وأنه يلزم من سمع ذلك الاقرار والطاعة والاعتقاد أن ه حق لازم ما لم يأت ما ينسخه فهو على التأييد ، وإن جاء ما ينسخه فهو متروك للناسخ . قال علي : وتأخير الاستثناء والتخصيص عندنا جائز كتأخير البيان جملة ولا فرق ، وهو جائز ما لم يأت وقت إيجاب العمل ، وبالله تعالى التوفيق . قال علي : ومما يبين صحة قولنا قوله تعالى : * ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ، ثم إن علينا بيانه ) * وثم توجب مهلة وقوله تعالى في قصة الملائكة القائلين لإبراهيم عليه السلام : ( إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين ، قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله الا امرأته كانت من الغابرين ) فعموا في أول الامر وأخروا البيان حتى وقع السؤال عن لوط فأجابوا بأنهم لم يعنوه بالهلال يعنوه بالهلال وأهله حاشا امرأته فقط .
نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 77