نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 86
واختياره لأنه ابتلاء كالأمر ، وإنما يتحقق الابتلاء إذا بقي للعبد فيه اختيار ، حتى إذا انتهى معظما لحرمة الناهي كان مثابا عليه ، وإذا أقدم عليه تاركا تعظيم حرمة الناهي كان معاقبا على إيجاده ، ولا يتحقق ذلك إلا فيما هو مشروع ، فبهذا تبين أن موجب النهي إنما يتحقق في العقود الشرعية والعبادات إذا كانت مشروعة بعد النهي ، فأما صفة القبح فهو ثابت بمقتضى النهي ، ولكن ثبوت المقتضى لتصحيح المقتضى لا لابطاله ، وإذا انعدم المشروع بمقتضى صفة القبح ينعدم موجب النهي ، وبانعدامه يبطل النهي فلا يجوز إثبات المقتضى على وجه يكون مبطلا للمقتضي . والشافعي رحمه الله فعل ذلك فكان قوله فاسدا ، ونحن أثبتنا أصل النهي موجبا للانتهاء ، ثم أثبتنا المقتضى بحسب الامكان على وجه لا يبطل به الأصل ولكن يثبت القبح والحرمة صفة لأداء العبد المشروع في الوقت ، فإن القبح إذا كان في وصف الشئ لا يعدم أصله كالاحرام بعد الفساد فإنه يبقى أصله وإن كان قبيحا لمعنى اتصل بوصفه وهو الفساد ، والعذر الذي ذكره يرجع إلى تحقيق ما ذكرنا ، فإن فساد الاحرام بالجماع حكم ثابت شرعا وإلى الشرع ولاية إعدام أصل الاحرام فلو كان من ضرورة صفة الفساد انعدام الأصل في المشروعات لكان الحكم بفساده شرعا معدما لأصله ، ألا ترى أن بسبب الردة ينعدم أصل الاحرام وإن كان ذلك من أعظم الجنايات ، لان حبوط العمل بالردة حكم شرعي ، وبسبب الاحصار يتمكن من الخروج من الاحرام قبل أداء الأعمال وذلك جناية من العبد ولكن جواز دفع ضرر استدامة الاحرام عن نفسه حكم شرعي فيتمكن به من الخروج قبل أداء الأعمال ، وكان ما بيناه نهاية في التحقيق ، ومراعاة لحقيقة موجب النهي ، وإثباتا بمقتضاه بحسب الامكان وبهذا يتبين الفرق بين الأمر والنهي على ما استدل به الخصم ، فإن مطلق الامر يوجب حسن المأمور به لعينه ، لأنه طلب الايجاد بأبلغ الجهات ، فتمام ذلك بالوجود حقيقة فكان في إثبات صفة الحسن بمقتضى الامر على هذا الوجه تحقيق المأمور به ، فأما النهي فطلب الاعدام بأبلغ الجهات ، ولكن مع بقاء اختيار العبد فيه ليكون مبتلى كما في الامر ، وحقيقة ذلك إنما يتكون به فيما هو مشروع ويبقى بعد النهي مشروعا ،
87
نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 86