نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 321
والعباد يعجزون عن إظهار كل حق لهم بطريق لا يبقى فيه شك وشبهة ، فلأجل الضرورة جوزنا الاعتماد فيها على خبر الواحد ، ولهذا سقط اعتبار اشتراط العدالة فيه أيضا ، فأما هنا الثابت ما هو حق لله ، والله موصوف بكمال القدرة يتعالى عن أن يلحقه ضرورة أو عجز عن إظهار حقوقه بما لا يبقى فيه شك وشبهة ، فلهذا لا يجعل المحتمل للصدق والكذب حجة فيه . وعلى هذا تخرج الشهادات أيضا فإن القياس فيها أن لا يكون حجة مع بقاء احتمال الكذب تركناه بالنصوص وبالمعنى الذي أشرنا إليه أنها مشروعة لاثبات حقوق العباد ، والحاجة إليها تتجدد للعباد في كل وقت وهم يعجزون عن إثبات كل حق لهم بما لا يكون محتملا ، ولان القول بما قلتم يؤدي إلى أن يزداد درجة المخبر الذي هو غير معصوم عن الكذب على المخبر المعصوم عن الكذب ، يعني من ينزل عليه الوحي ، فإن خبره في أول أمره إنما كان واجب القبول باقتران المعجزات به ، فمن يقول بأن خبر غيره يكون مقبولا من غير دليل يقترن به فقد زاد درجة هذا المخبر على درجة الرسول ، وأي قول أظهر فسادا من هذا ! ولا خلاف أن أصل الدين كالتوحيد وصفات الله وإثبات النبوة لا يكون إلا بطريق يوجب العلم قطعا ولا يكون فيه شك ولا شبهة ، فكذلك فيما يكون من أمر الدين . وحجتنا في ذلك قوله تعالى : * ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات ) * الآية ، وقال تعالى : * ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ) * الآية ، ففي هاتين الآيتين نهى لكل واحد عن الكتمان ، وأمر بالبيان على ما هو الحكم في الجمع المضاف إلى جماعة أنه يتناول كل واحد منهم ، ولان أخذ الميثاق من أصل الدين ، والخطاب للجماعة بما هو أصل الدين يتناول كل واحد من الآحاد ، ومن ضرورة توجه الامر بالاظهار على كل واحد أمر السامع بالقبول منه والعمل به ، إذ أمر الشرع لا يخلو عن فائدة حميدة ولا فائدة في النهي عن الكتمان ، والامر بالبيان سوى هذا . ولا يدخل عليه الفاسق فإنه داخل في عموم الامر بالبيان ثم لا يقبل بيانه في الدين ، لأنه مخصوص من هذا النص بنص آخر وهو ما فيه أمر بالتوقف في خبر الفاسق ، ثم هو مزجور عن اكتساب سبب الفسق مأمور بالتوبة عنه ثم يترتب البيان عليه ، فعلى هذا الوجه بيانه يفيد وجوب القول والعمل به ، وقال تعالى : * ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) * الآية ، والفرقة اسم للثلاثة فصاعدا ، فالطائفة من الفرقة
322
نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 321