نقول : نعم ، لا يكون مجازا ولا حقيقة ، بل يكون غلطا قبيحا ، إذ من أسمج التعبير وأقبحه قول القائل : ( من ) زيد خير من ( إلى ) عمرو . أو : ( من ) سيري البصرة و ( إلى ه ) الكوفة . إلاّ أن يكون المراد منه اللفظ كما في قوله : ألام على لوّ [1] . وفي قوله : هل ينفع شيئا ليت [2] . أو تحسّنه صناعة بديعيّة ، هذا . وأما على ما تقدم من السيد الأستاذ فهما مختلفان بحسب المفهوم إذ الملحوظ الاستقلالي غير الملحوظ الآلي وإن اشتركا بعد تجريد المعنى عن اللحاظين . هذا ، وفي معاني الحروف مسلك آخر ، وهو أدقّ وألطف ممّا تقدّم ، ذهب إليه جماعة أو لهم - فيما أعلم - نجم الأئمة الرضي في شرح الكافية ، وتبعه غير واحد من المتأخرين . وحاصله على اختلاف تقادير الذاهبين إليه : أنّ الحروف لا معاني لها أصلا ، بل هي كالعلم المنصوب بجنب الأسماء [3] لتعيّن مواقعها من الكلام ، وتربط بعضها ببعض ، وما هي إلاّ كرفع الفاعل ونصب المفعول ، فكما أنّ رفع ( زيد ) ونصب ( عمرو ) في قولك : ضرب زيد عمراً . لا يزيدان في الجملة معنى أصلا ، ولا وظيفة لهما إلاّ تعيين أن موقع ( زيد ) فيها موقع الفاعل ، و ( عمرو ) موقع المفعول . كذلك موقع ( الباء ) و ( في ) في قولك : ضربت فلانا بالسوط في الدار . فإنه لا
[1] صدر بيت ، لم يسمّ قائله ، وتمام البيت هكذا : الأم على لوّ وإن كنت عالما * بأذناب لوّ لم تفتني أوائله . [2] صدر بيت ، وتمامه هكذا : ليت وهل ينفع شيئا ليت * ليت شبابا بوع فاشتريت من أبيات رؤبة بن الحجاج بن رؤبة التميمي . [3] شرح الكافية 1 : 10 .