رابعها : حكم العقل بلزوم الرجوع إلى الظنّ في تعيينها . خامسها : فعلية الأحكام التي تكون مؤدّى تلك الطرق الظنّية دون غيرها لو فرض وجوده . ولا شك أنّ هذه المقدّمات إن تمّت فلا تكون النتيجة إلاّ ما ذهب إليه من حجّية الظنّ بالطريق خاصة ، بمعنى فعلية الأحكام التي تكون مؤدّى تلك الطرق دون الأحكام المظنونة التي لا تكون كذلك . والدليل على المقدّمتين الأوليين هو ما مرّ نقله من كلامه من الإجماع ، والسيرة القطعيتان . وعلى الثالثة الضرورة ، والوجدان ، وقد أوضحه في مواضع عديدة وهي لوضوحها في غنية عن البيان . وعلى الرابعة نظير ما ذكروه في تقريب دليل الانسداد من عدم جواز الرجوع إلى البراءة ، وعدم وجوب الاحتياط ، وترجيح الظن على غيره في مقام الامتثال ، وتقريبه لا يخفى على المتأمّل ولا سيّما بعد الإحاطة بما مرّ في شرح كلام الشيخ الأعظم ، وبعد مراجعة ما ذكره صاحب الفصول في التقريب الثاني لدليل الانسداد من إبطال الرجوع إلى البراءة وغيرها . وعلى الخامسة ، أنّ ذلك معنى حجّية الظن ، إذ الحجّة من شأنها أن تكون منجّزة للأحكام الواقعية في صورة المصادفة ، وتكون عذرا في مخالفتها عند عدم المصادفة ، حسب ما تقرّر في موضعه ، كما أنّ من شأن عدم الحجّة عدم فعلية التكليف ، وقبح العقاب على مخالفته ، ولا شك أنّ هذه المقدمات إن تمت لا تنتج إلاّ حجّية الظن بالطريق ، لكونه ظنّا بالحكم الفعلي دون مجرّد الظنّ بالواقع ، لأنه ليس ظنّا بالفعلي من الأحكام ، والعمدة منها المقدّمتان الأوليان اللتان بهما امتاز هذا التقريب لدليل الانسداد عن التقريب الآخر له ، وصار بهما في حرز حريز لا تناله يد الاعتراضات الموردة عليه .