ومن رام إحداث ثلمة في هذا البنيان الرفيع فلا سبيل له إلاّ المناقشة فيهما ، فشأنه وذلك إن شاء ولكن بعد أن يعلم أنّه يصادم حسّه ويكابر نفسه ، فقد علم كلّ من له أدنى إلمام بالعلم أنّ الشيعة - أعلى اللَّه كلمتهم - ما زالوا من زمن أئمتهم عليهم السلام إلى اليوم يعملون بالروايات الواردة عن المعصومين في الجملة ، ولا تجد أحدا يتمسّك في شيء من أحكام الدين بمجرّد الظنّ والتخمين . أ تظنّ منتميا إلى هذا المذهب يصبح مفتيا بهدر دم مسلم أو إباحة . . . محصنة ، فإذا سئل عن مستنده في فتياه أسنده إلى ظنّ حصل له من الرؤيا ؟ وذمام [1] العلم وحرمة الفضل لا يصدر هذا من متمسّك بحبل أهل البيت أبدا ، حتى من لاك [2] لسانه بمطلق الظنّ . هذا أحد أعلام الفقه ، وحامل عرش الظنّ المطلق ، الفاضل القمي ، إذا تصفّحت كتابه « جامع الشتات » من أول الطهارة إلى آخر الدّيات لا تجد فيه استنادا إلى غير الكتاب والسنّة وما يؤول إليهما قط ، ولا ترى أقل اختلاف بينه وبين سائر أئمة المذهب في طريق الاستنباط . ولقد أصاب صاحب الفصول حيث قال في أثناء كلامه : « حتى أنّ القائلين بحجّية الظنّ المطلق كبعض متأخري المتأخّرين ، لا تراهم يتعدّون في مقام العمل عن هذه الأمارات إلى غيرها وإن لم يستفد لهم ظنّ فعلي بمؤدّاها » [3] . صدق - واللَّه - وبرّ ، لا تجد غير مطعون في طريقته يترك آثار أهل البيت بغير طعن في أسانيدها ، وإجمال في متونها ، أو معارض لمؤدّياتها . ومن ذلك كلَّه يظهر لك وجه النّظر فيما كرّره الشيخ الأعظم من المناقشة
[1] الذمام : الحرمة . القاموس المحيط 4 : 117 ، الصحاح 5 : 1926 " ذمم " . [2] اللوك : إدارة الشيء في الفم ومضغه . مجمع البحرين 5 : 287 ، القاموس المحيط 3 : 328 " لوك " . [3] الفصول الغروية : 278 .