به إلاّ بعد الإحاطة بجميع الجهات كما قال ، وهذا غير حاصل في المقام قطعا ، كما صرّح به [1] ، بل هو نادر في سائر أبواب العلوم . ولكن هذا الأستاذ حمل الإمكان في المقام عليه ، وادّعى إمكان حصول القطع به ، فقال : « وليس بالبعيد دعوى القطع بالإمكان بهذا المعنى أو ما يقابله من الامتناع ، وإحاطة العقل بتمام الجهات المحسّنة والمقبّحة لشيء ، وسائر تواليه ولوازمه الفاسدة وغيرها من باب الاتفاق ، بحيث يجزم بعدم جهة أخرى له ، كما يظهر من مراجعة الوجدان ، ومشاهدة حصول الجزم في المسائل المشكلة والمطالب المعضلة في الفلسفة وغيرها من سائر العلوم بالإمكان من القطع بعدم لزوم تال فاسد ، أو عدم بطلان اللازم ، أو بالامتناع من القطع بلزومه ، وليست هذه المسألة بأعظم إشكالا وأخفى جهاتا منها ، كما ستطَّلع عليها إن شاء اللَّه بما هي عليها من الجهات والتوالي ، فظهر بما ذكرنا أنّ دعوى المشهور ليست بمجازفة ، وأنّ ما جعله أولى من الدعوى لا يجدي أصلا في الإمكان بالمعنى الَّذي وقع فيه النزاع ، فضلا من أن يكون أولى » [2] انتهى بنصّه . منع على الشيخ أن يكون الحكم بالإمكان الوقوعي سبيلا يسلكه العقلاء ، وأثبته سبيلا للعقل ، وأنكر حكم العقلاء بأحد طرفي الاحتمال ، وجعله تحكّما ، وترجيحا بلا مرجّح ، واعترف للعقل به . ولا أدري كيف يجوز للعقل هذا التخرّص ، والجزم بعدم شيء بلا برهان عليه ؟ ولو جاز له ذلك فليجز له الجزم بوجود الأشياء بلا دليل وبرهان ، وفيه من الجناية على العلم ما تعلم ، وما ذكره من أنه يظهر ذلك من مشاهدة حصوله في