المسائل المشكلة في الفلسفة وغيرها ، فهو أعلم بما قال ، ولا ترى العالم بكل فنّ ، والمقدّم في كلّ صنعة ، يقدم على الحكم بكلّ من الامتناع والإمكان إلاّ بعد إقامة البرهان ، فلا يحكم الرياضي بامتناع اجتماع منفرجتين في مثلَّث إلاّ بعد إثبات أن الزوايا الثلاث منه مساو لقائمتين ، ولا بإمكان تنصيف خط إلاّ بعد تنصيف الزاوية بالبرهان ، وهل رأيت عالم فن استدلّ لدى المناظرة بحصول القطع له بلا سبب سوى الاتفاق ؟ وإن فعل ، فهل ترى مناظره يقنع به ويفحمه ذلك ؟ فظهر بما ذكرناه أنّ دعوى المشهور ليست بمجازفة ، وأنّ ما ذكره الشيخ في معنى الإمكان [1] هو الَّذي وقع فيه النزاع ، ولا يخفى . استدلّ المانع [2] بوجهين : أحدهما : أنه لو جاز التعبّد بخبر الواحد في الإخبار عن النبي لجاز التعبّد به في الإخبار عن اللَّه ، والتالي باطل إجماعا [3] . بيان الملازمة : أنّ حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز سواء ، ولا يختلف الإخبار بواسطة المخبر عنه . وأجيب [4] عنه بمنع بطلان التالي عقلا ، لجواز إيجاب الشارع التعبّد بخبر سلمان - مثلا - عن اللَّه ، غاية الأمر عدم الوقوع ، لا عدم الإمكان . أقول : إن أراد المستدلّ بالإخبار عن اللَّه تعالى ، الإخبار بلا واسطة النبي ، فهذا خبر يقطع بكذبه ، وهو خارج عن المبحث ، إذ لا يقول أحد بحجيّته ، لأنّ الإخبار عنه تعالى يختص بالأنبياء على جميعهم السلام .
[1] انظر فرائد الأصول : 24 . [2] المانع هو أبو جعفر محمد بن عبد الرحمان بن قبة الرازي . [3] حكى عنه هذا الوجه والوجه الثاني الآتي ، الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول : 24 . [4] المجيب هو الآخوند الخراساني في حاشية فرائد الأصول : 33 .