كان الفتوى على أحد الأمرين من القصر أو التمام ولم يظهر لي بعد وجه له . وأقصى ما يقال : إنّ مع تقديم المظنون على المحتمل يعلم بوجود الأمر الواقعي ، فيأتي به قاصدا امتثال الأمر المعلوم ، بخلاف ما لو قدّم غيره ، وفيه ما لا يخفى . وأما الثالث ، وهو وجوب الالتزام وحرمة المخالفة الالتزامية ، فالقائل بوجوب الالتزام بالحكم إن أراد وجوب الالتزام بالحكم الواقعي إجمالا والإذعان له بما هو عليه ، فهذا أمر يجب الإذعان به ، ولا يجوز إنكاره لأن لازم التديّن بالشريعة التسليم لما فيها من الأحكام . وإن أراد الالتزام بشخص الحكم الواقعي ، فهو على إطلاقه تكليف بغير المقدور . وإن أراد لزوم التديّن بأحد الحكمين من الوجوب والتحريم على سبيل الخبرين المتعارضين ، فهو أمر ممكن في نفسه ، وقياس المقام بالخبرين ، فاسد لعدم تنقيح المناط ووجود الفارق . وبالجملة ، لا دليل على لزوم الالتزام بأيّ معنى كان ، بل لا مانع من الالتزام بحكم آخر في مورد الشك كالإباحة لدى دوران الأمر بين الوجوب والحرمة ، إذ الالتزام بالحكم الواقعي لا ينافي الالتزام بغيره في مرحلة الظاهر ، فلا تنافي بين الالتزامين ، كما أنّه لا منافاة بين الحكمين على ما ستعرف قريبا إن شاء اللَّه . واعلم أنّ الالتزام معنى يدركه الوجدان ، ويضيق عنه نطاق البيان ، وتختلف أسماؤه باختلاف الموارد ، كعقد القلب على شيء ، والبناء عليه ، والانتحال له ، ولعلّ منه التجزّم الَّذي تقدّم نقله عن السيد الأستاذ - طاب ثراه - ولم أجد لأحد من مشايخي - رحمهم اللَّه - ولا لغيرهم بيانا شافيا له ، إلاّ بيانا إجماليا من العلاّمة الوالد طاب ثراه .