ذهاب جماعة إلى عدم كفايته ، وما دعا هؤلاء إلاّ اعتبارهم الوجه والتميز الَّذين ادّعى بعض مشايخنا القطع بعدم اعتبارهما ، وهو غير مجازف فيما ادّعاه . واحتمال كون التعيين دخيلا في الفرض فلا يمكن التمسك في نفيه [1] بإطلاق الدليل ، فيه بعد الغض عن إمكان دعوى القطع أيضا على عدم اعتباره ، ان أصالة البراءة جارية فيه ، وكافية لدفعه ، وقد سبق بيانه في مبحث المقدّمة . وقد يستدلّ على عدم كفايته تارة بدعوى الإجماع - الممنوع وجوده أولا ، وحجيته ثانيا - وتارة بأنّ العقلاء لا يعدّون ذلك إطاعة ، بل لا يرونه إلاّ لعبا بأمر المولى . وفيه : أنّ ذلك فرية على العقلاء ، وحاشاهم من الفرق في حصول الامتثال بين من أتى بشيء واحد يعلم أنه المأمور به وبين من أتى بشيئين يعلم أنه أحدهما ، وإن خطَّأه من جهة اللغوية ، ولا يكون ذلك إلاّ مع الغرض العقلائي ، وإلاّ فلا تخطئة ولا عتاب . ومنه يظهر الجواب عن دعوى كون سيرتهم على خلافه ، إذ هي مع وجود الغرض ممنوعة ، ومع عدمه فهي مستندة إلى اللغوية لا إلى البطلان ، ولو سلَّم أنه يعدّ لاعبا ، فما هو إلاّ لعبا في طريق الامتثال لا في نفس الامتثال ، ومثله لا ينافي حصول الإطاعة . فاستبان من ذلك جواز الاحتياط مع التمكن من الظن التفصيليّ المعتبر - الظن الخاصّ - وأنه هو الأولى والأحسن ، كما أوضحه الشيخ الأعظم ، ولكن ذكر أثناء كلامه لزوم تقديم المظنون على غيره [2] ، وجرى هو وأصحابه على ذلك في رسائلهم العمليّة ، فتراهم يحكمون بتقديم القصر على التمام أو العكس ، حيث