ثوب وسواده معا ، فإذا كان الملك يعطي لمن استقبله على فرس أدهم [1] دارا جديدة البناء ، وعلى كميت [2] جارية حسناء ، فلا شك في عدم التعاند بين الصلاحين ، بل العلم - الَّذي عرفت أنّه حقيقة الإرادة - حاصل بتمام الصلاح في الفعلين ، وكمال الالتئام بينهما . فاستبان من ذلك أنّ التزاحم بين الفعلين لا يستلزم التزاحم بين الأمرين ، وأنه لا مانع من طلبهما ، والإلزام بهما ، والبعث عليهما ، إلاّ إذا استلزم التكليف بما لا يطاق ، ولا يكون ذلك إلاّ إذا كانت إطاعة أحدهما مستلزمة لعصيان الآخر ، وإلزاما [3] بصرف القدرة التي لا تسع إلاّ لأحدهما عليهما معا . رابعها : قد عرفت - في المباحث السابقة - أنّ مقدمة الواجب المشروط غير واجبة ، بمعنى أنه لا يجب تحصيلها ، إذا الوجوب على فرض وجودها فالبعث على الفعل لا يكون باعثا عليها مع العلم بعدم حصولها ، وأما مع حصولها والعلم به فهو كالمطلق في وجوب تحصيل مقدّماته الوجودية ، وهذا معنى قولهم : إن الواجب المشروط مطلق عند حصول شرطه ، لا أنه ينقلب إليه ويكون أحد مصاديقه . ولهذا لو كان الشرط اختياريا استمراريّا كان للمكلَّف ترك الشرط فالواجب مشروط به ، فلو قال : أدم تلاوة القرآن إن كنت في المسجد . فللمكلَّف الخروج متى شاء ، وترك التلاوة بعده ، فالواجب المشروط شأنه سدّ جميع أبواب الترك إلاّ من ناحية ترك شرطه ، بخلاف المطلق الَّذي مقتضاه سدّ أبوابه من جميع الجهات .
[1] الأدهم : الفرس الذي يشتد سواده . مجمع البحرين 6 : 65 ( دهم ) . [2] الفرس الأحمر . مجمع البحرين 2 : 217 ( كمت ) . [3] معطوف على التكليف ، ويحتمل ضعيفا أن يكون معطوفا على ( مستلزمة ) لكن هذا خلاف التحقيق . ( مجد الدين ) .