وإن كان ثمّة خلط فهو لمنكري مقالته ، حيث خلطوا بين الغرض الأولي والثانويّ ، أو بين الغرض من الشيء في حدّ ذاته ، وبين الغرض منه في حال اجتماعه مع غيره بالبيان الَّذي عرفته . على أنّ لقائل أن يقول : إنّ الحاكم بوجوب المقدّمة هو العقل ، وليس في أحكامه تعليل إلاّ وهو راجع إلى التقييد ، فإذا اعترف المخالف بأنّ المناط في حكم العقل الإيصال الفعلي لا الشأني فلا بدّ له من الاعتراف بالتقييد به ، فليتأمّل . ولعلّ لذلك قال في الفصول : « إنّ وجوب المقدّمة لمّا كان من باب الملازمة العقلية فالعقل لا يدلّ عليه زائدا على القدر المذكور » [1] . وأورد عليه الأستاذ البارع [2] في البدائع ، بقوله : « المسألة عقلية ، والمسألة العقلية منوطة بمناط منقح عند العقل فلا بدّ من النّظر في مناط حكم العقل ، وأنه ما ذا يقتضي ؟ فما ذكره من عدم حكم العقل بوجوب غير الموصلة من غير أن يبيّن مناط حكم العقل خروج عن دأب المحصّلين ، إذ المشاجرة في المقام تنتهي إلى أنّ مناط حكم العقل هل هو موجود في مطلق المقدّمة ، أو مختص بالموصلة ؟ » [3] إلى آخره . وأقول عذرا : أيها الأستاذ فصاحب الفصول لم يخرج عن مرسومك الشريف الَّذي جعلت خلافه خروجا عن دأب المحصّلين ، بل بيّن مناط حكم العقل فقال : « حيث إنّ المطلوب من المقدّمة مجرّد التوصل بها إلى الواجب وحصوله ، فلا جرم يكون التوصّل إليه وحصوله معتبرا في مطلوبيّتها فلا تكون
[1] الفصول الغروية : 86 . [2] الشيخ حبيب الله الرشتي أستاذ الجد العلامة أعلى الله مقامه . ( مجد الدين ) . [3] بدائع الأفكار : 339 .