قام عند مجيئه ، فإنك تحكم بتحقق عنواني التقبيل والقيام بمجرّد حصولهما في الخارج ولا تحكم بأنه عظَّم الرّجل أو خضع له إلاّ بعد معرفة قصده التعظيم . وثانيهما : أنّ من الأفعال القصدية ما هي محققة لعناوينها بالطبع ، أو باتفاق الآراء عليه ، ولا يبعد أن تكون دلالة السجود على التعظيم من هذا القبيل . ومنها ما يكون بالجعل ، ولذلك يختلف باختلاف الأمم ، وباختلاف المعظم فتحا وكسرا ، كالتعمّم عندنا لدى الرّجل العظيم تعظيما ، وكشف الرّأس ، ونزع القبعة [1] عند الإفرنج ، وكالجلوس ، أو القيام عندنا بين يدي العظيم ، والنوم عند أمة اليابان مثلا . وبعد هذا ، نقول : إنّ العبادات أفعال قصديّة وهي ما يقصد بها الخضوع للَّه تعالى ، كما يدلّ عليه لفظ العبادة ، إذ العبادة لغة هي غاية الخضوع ، وأداء الشكر للَّه تعالى ، ومدحه بما هو أهل له ، وكان سيد أساتيذنا [2] - طاب ثراه - يعبّر عنها ب ( ستايش كردن ) ( 1 ) وهي عبارة فارسية ذكرناها توضيحا للمقصود ، وتأسّيا به طاب ثراه . وهذه العبادات منها ما هو من قبيل الأول كالسجود ، ومنها ما يتوقف العلم بكونه تعظيما وعبادة على تعريف الشارع كالصوم ، ويشترك القسمان في المعنى المتقدّم ، ولا معنى لتعبديّتهما إلاّ ما عرفت من حصول العبادة بها ، ولا معنى للعبادة إلاّ ما عرّفناك من الخضوع ونحوه من المعاني القريبة منه ، ولا فرق بينها وبين التوصّليّات إلاّ أنّ المقصود بها العبادة ، ومن التوصّليات أغراض أخر . وإذا اتّضح هذا لديك - ولا أخاله يخفى بعد هذا البيان عليك - عرفت
[1] كندن كلاه فرنكي . ( مجد الدين ) . [2] السيد حسن الشيرازي أعلى الله مقامه . ( مجد الدين ) . ( 3 ) قال والدي العلاّمة : وكان سيّد أساتيذنا أيضا يعبّر عنها ( أي العبادة ) ب ( كرنش كردن ) و ( پرستش كردن ) . ( مجد الدين ) .