بالرمّان المرّ ، كما يمكنه تحصيل غرضه بالأمر بالرّمان مقيّدا بكونه مرّا ، يمكنه أيضا الأمر به مقيّدا بأن لا يكون حلوا ولا حامضا ، إذ الشيء لا يخلو عن جميع الأضداد ، فإذا فرض عدم إمكان البعث على الشيء بعنوان الغرض يتعيّن الأمر به بعنوان صرف سائر الأضداد . ونقول في المقام : إن الغرض إذا فرض تعلَّقه بالشيء مقيّدا بإتيانه بقصد الأمر به ولم يمكن الأمر به بهذا العنوان ، لما عرفت من الاستحالة العقلية يتعين الأمر به مقيّدا بعدم صدوره عن الدواعي النفسانيّة ، ويكون الأمر بهذا القيد في قوّة الأمر بإتيان الشيء بقصد الأمر ، إذ الفعل الاختياري لا يخلو إتيانه عن أحد الأمرين من الدواعي النفسانيّة ، أو داعي الأمر ، وهذا المقدار من البيان - فيما أراه - يكفي لتصوّر هذا القسم . ولكن السيّد [1] - طاب ثراه - بينه ببيان مسهب ، وبناه على مقدّمات ثلاث ، وما دعاه إلى ذلك إلاّ استظهاره تركّب الغرض من صرف الدواعي النفسانيّة ، ومن كونه بداعي الأمر معا ، لأنه أنسب بمقام الإخلاص المعتبر في العبادات ، فتأمّل . وأما الثاني وهو عدم تقيّد العبادات بقصد الأمر أصلا ، لا في مرحلة الأمر ، ولا في مرتبة الغرض ، ويتضح ذلك ببيان أمرين : أحدهما : أنّ من الأفعال ما لا يعتبر القصد في تحقق عنوانه ، بل ولو فرض صدوره من غير قصد أصلا ، لصدق عليه العنوان ، كالضرب مثلا . ومن الأفعال ما يعتبر القصد في تحققه ، وصدق العنوان عليه كالتعظيم والإهانة ونحوهما ، وإن كنت في ريب من ذلك فانظر إلى من قبّل يد رجل أو
[1] المراد بالسيد ، السيد محمّد الفشاركي ، ولا يخفى عليك أن ذلك خلاف ما تعهّد به المصنف في ترجمته ، إلاّ أن يتخذ اللام للعهد الذكري فحينئذ فلا إشكال . ( مجد الدين ) .