وهي كافية في المقام [1] . أقول : ومع مراعاة ما ذكره من الشروط فالقول بثبوتها في جميع هذه الألفاظ صعب جدّاً . نعم لا ينبغي الريب في ثبوتها في الجملة ، فالحقّ مع المثبت إن قنع بالإيجاب الجزئي في مقابل السلب الكلَّي ، ولا سيّما لو جعل الوضع أعم من التعييني والتعيّني ، لأنّا نعلم أنّ مثل لفظ الصلاة الَّذي كان لا يقرع أسماع الصحابة في كل يوم وليلة أقلّ من عشرين مرّة ، كانوا يفهمون هذه العبادة من اللفظ من غير احتياج إلى قرينة ، ولكن الظاهر عدم الوضع تعيينا ، بل حصوله تعيّنا في صدر الإسلام . وكان بعض مشايخنا رحمه اللَّه يذهب إلى ثبوت الوضع على النحو الأول ، ويقول : إنّ قوله عليه السلام : « إنّ الصلاة ثلث طهور ، وثلث ركوع » [2] وقوله : « لا يضر الصائم إذا اجتنب أربع خصال » [3] ونحو ذلك بمنزلة ما يقوله مخترع بعض المعاجين : إن الإطريفل [4] أجزاؤه كذا وكذا ، فإنه بيان للوضع وإعلام به بلسان بيان أجزائه الموضوع له ، وهذا استحسان حسن ، مأخوذ من كلام العلاّمة - الجدّ - في الهداية ، ولكن هذه الروايات لم ترد عن النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله ، بل وردت في أزمنة لا يحتاج إثبات الحقيقة فيه إلى دليل .
[1] هداية المسترشدين : 93 - 94 . [2] الفقيه 1 : 22 / 66 ، الكافي 3 : 273 / 8 ، التهذيب 2 : 140 / 544 والحديث مروي عن الصادق عليه السلام ، ونص الحديث هكذا : " الصلاة ثلاثة أثلاث ، ثلث طهور ، وثلث ركوع ، وثلث سجود " . [3] الفقيه 2 : 67 / 276 . وفيه عن الامام الباقر عليه السلام . [4] بكسر الهمزة وسكون الطاء المهملة وكسر الراء وسكون الياء وكسر الفاء : معجون معروف ودواء مشهور في الطب القديم . ( مجد الدين )