الوسائط بين ما يتكلَّم به وبين الغرض الأصلي من التكلم . وبهذا يظهر لك مواقع النّظر في كلام الجدّ الأعظم - قدّس سرّه - حيث قال في أثناء كلام له ، وهذا لفظه : « هذا إذا كان المقصود إسناد تلك المحمولات إلى موضوعاتها على سبيل الحقيقة ، وأما إذا لم يكن إسنادها إلى موضوعاتها مقصودا في ذلك المقام ، بل كان المقصود بيان ما يلزم ذلك من التخضّع ونحوه كقولك : أنا عبدك وأنا مملوكك . فلا ريب إذن في الخروج عن مقتضى الوضع إذ ليس المقصود في المقام بيان ما تعطيه [ من ] [1] معاني المفردات بحسب أوضاعها ، فحينئذ يمكن التزام التجوّز في المفردات كأن يراد بعبدك أو مملوكك لازمه ، أو في المركّب بأن يراد من الحكم بثبوت النسبة المذكورة لازمها ، وعلى كل حال فالتجوّز حاصل هناك » [2] انتهى . وقد عرفت الفرق بين المقصود من التكلَّم ، وبين المقصود من الكلام ، وبين الاستعمال وبين الداعي إليه ، والتخضّع هو الداعي إلى أن يقول لمن يريد الخضوع له : أنا عبدك ، لا أنه معنى للكلام ، ويقوله هذا كما يقوله المملوك واقعا من غير فرق من جهة الاستعمال أصلا . ومثله الجمل التي تستعمل في مقام التخويف والتهديد والمدح والدعاء وغير ذلك ممّا لا يدع وضوح الأمر فيها سبيلا إلى تعداد الأمثلة لها . ومن هذا القبيل الجمل الخبرية التي تورد في مقام الطلب فهي مستعملة في معانيها ، لكن لا بداعي الاعلام بل بداعي البعث بنحو آكد كما بيّنه الأستاذ في الكفاية [3] وأحسن ما شاء ، بل وكذلك جميع الجمل الخبرية التي لا يراد منها
[1] الزيادة من المصدر . [2] هداية المسترشدين : 35 . [3] كفاية الأصول : 70 - 71 .