الإخبار ، لا كما زعمه التفتازاني في شرح التلخيص [1] ، وحروف الاستفهام الواردة لغير طلب الفهم كالتقرير والتوبيخ والإنكار ، وليس كما زعمه صاحب مغني اللبيب [2] . فقال : « قد تخرج الهمزة من معناه الحقيقي فترد لثمانية أوجه » [3] . ومن المضحك عدّه الاستبطاء منها ، وتمثيله له بقوله تعالى : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر اللَّه [4][5] إذ من الواضح أنّ ليس معنى الهمزة وحدها ، بل هو معنى حرف الاستفهام الوارد على حرف الجحد ، الداخل على فعل يدلّ بمادته على القرب . فإذا كان جميع ذلك معنى الهمزة فما ذا حبسه عن الجري على ذلك إلى آخر الآية ، ويجعل معنى الهمزة استبطاء خشوع قلوب المؤمنين لذكر اللَّه تعالى ؟ وبالجملة جميع ذلك وأشباهه الكثيرة قد نشأ عن الخلط بين الداعي إلى الاستعمال وبين نفس الاستعمال .
[1] انظر المطول : 43 . [2] هو الأستاذ جمال الدين أبو محمد عبد اللَّه بن يوسف بن أحمد بن عبد اللَّه بن هشام المصري الأنصاري الحنبلي النحوي المشتهر ب ( ابن هشام ) صاحب كتاب مغني اللبيب المتداول بين أهل العلم في هذا الزمان المشتمل على ثمانية أبواب ، ولقد قال في وصف هذا الكتاب أحد الشعراء قصيدة بليغة لا مجال لنا في ذكرها بتمامها منها هذا [ البيت ] : وما هي إلاّ جنّة قد تزخرفت * ألم تنظر الأبواب منها ثمانية ولد في ذي القعدة سنة ( 708 ) وتوفّي في ذي القعدة سنة ( 761 ) فكان عمره ثلاث وخمسين سنة . [3] مغنى اللبيب 1 : 24 . [4] الحديد : 16 . [5] مغنى اللبيب 1 : 27 . ( مجد الدين )