التي لا تحتاج في ملاحظة حسنها وصفائها إلى مرآة أخرى ، فإن شئت تكلَّفت وقدرت وقلت : لفظ ( زيد ) ثلاثي ، ولفظ ( ضرب ) موضوع لكذا ، وإن شئت تركت الجملة على حالها لظهور المراد منها . وعلى أيّ حال ، ليس المراد منها أن لفظ ( ضرب ) فعل بالحمل الشائع ليتّجه الاعتراض بأنه ليس بفعل في هذا المقام قطعا وإلاّ لما صحّ الإخبار عنه ، ويلتجأ إلى أنه مستعمل في جنسه أو نوعه ، بل المراد ما عرفت ، وباللَّه التوفيق . ومن ذلك يظهر ما في باقي كلام صاحب الفصول - طاب ثراه - ممّا تركنا نقله بلفظه مخافة التطويل ، وحاصله : « البحث عن الوجه في هذه الدلالة ، واختياره أنّها بالقرينة بعد استدلاله على أنه لا يمكن أن تكون وضعيّة ولا طبعيّة ولا عقلية ، وحكمه بخروج هذا الاستعمال عن حدّي الحقيقة والمجاز » فراجع [1] كلامه إن شئت وإن كنت في غنى عن هذه التكلَّفات بما عرّفناك . ومن الطريف ما نقله عن التفتازاني من أنّ هذه الدلالة نشأت من الاصطلاح والاتفاق حيث جرت طريقتهم على إطلاق اللفظ وإرادة نفسها [2] ، فتأمل فيه فإنه من العجائب . ( الحكاية ) قد يتوهّم أنّ الجملة المحكية بألفاظها لا استعمال لمفرداتها ، وهذا وهم واضح الفساد ، لأن لازمه أن لا تكون لتلك الجمل معان أصلا ، وأن لا يفهم شيء منها إذ المعنى فرع الاستعمال ، ولا يعقل الإفهام إلاّ بالاستعمال . والحقّ أنّ ألفاظها مستعملة كسائر الجمل ، ولكن المستعمل ليس هو