ابتداءاً أو بعد إجراء أصالة التوافق في الاعتقاد . وأمّا إذا كانا متخالفين في الاعتقاد ، فإن كان التخالف بينهما بنحو التباين ، بأن يكون الصحيح عند الفاعل فاسداً عند الحامل وبالعكس ، فلا إشكال في عدم إمكان الحمل على الصحّة الواقعية . وإنمّا الإشكال فيما لو كانا متخالفين لا بنحو التباين كأن يعتقد أحدهما جواز العقد بالعربي والفارسي كليهما ، واعتقد الآخر جوازه بالعربي دون الفارسي ، فلو صدر عقد ممّن يرى جواز العقد بالعربي والفارسي جميعاً ، وأراد من لا يرى جواز العقد بالفارسي أن يحمله على الصحة الواقعيّة باعتقاده - أي على العقد العربي - فهل يمكن أم لا ؟ فيه إشكال ، من جهة أنّ القدر المتيقّن من الأدلّة هو مورد اليقين بالتوافق ، أو عدم العلم بالتخالف ، نعم لو كان لنا إطلاق لفظي يقتضي الحمل عند الشك في الصحّة والفساد ، ولو كان احتمال الصحّة من جهة وقوع الفعل مطابقاً للواقع اتّفاقاً فلا مانع من الحمل على الصحّة في هذه الصورة ، بل في الصورة السابقة لو شك في صحّته وفساده ، وقد عرفت عدم دليل لفظي تكون دلالته تامّة ووافيّة بالمدّعى ، وأمّا العكس فلا إشكال في جواز حمله على الصحّة ، فإنّ من يرى جواز العقد بالعربي والفارسي إذا أراد حمل فعل من لا يرى جواز العقد الفارسي على الصحّة ، فلابدّ من حمل عقده على العقد العربي ، وهو صحيح بنظره - أيضاً - هذا إذا كان التخالف بينهما بالعموم المطلق . وأمّا إذا كان التخالف بينهما بالعموم من وجه فيشكل الحمل على الصحّة - أيضاً - . ثمّ إنّه بعدما عرفت من أنّ العمدة في أدلّة أصالة الصحّة بالنسبة إلى عمل الغير هي الأدلّة اللبيّة ، من الإجماع والسيرة ، واختلال النظام لو لم يحمل على الصحّة ، فلا إشكال في اعتبارها في الجملة ، بمعنى أنّ فعله يحمل على الصحّة ويترتّب عليه ما يترتّب على العمل الصحيح شرعاً ، ولا يترتّب عليه اللوازم والملزومات العقليّة والعاديّة والآثار الشرعية المترتّبة عليهما بالواسطة أخذاً بالمقدار المتيقّن