- أيضاً - من جهة إطلاق الأخبار مثل قوله ( عليه السلام ) " كلما ما مضى من صلاتك وطهورك فامضه كما هو [1] " إذ لافرق في جريانها بمقتضى الأخبار بين أن يكون الشكّ في الصحّة والفساد ناشئاً عن احتمال مسامحة وتقصير من العامل ، كما في الصورة الأُولى ، أو يكون الشكّ ناشئاً عن مجرّد احتمال مطابقة العمل للواقع قهراً وعدم مطابقته له ، كا في الصورة الثانية ، نعم التعليل الوارد في الأخبار وهو قوله ( عليه السلام ) " هو حين ما يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ [2] " ربما يستفاد منه أنّ هذه القاعدة إنمّا اعتبرت من حيث الأمارية ، وإنّ الشخص إذا كان في مقام إبراء ذمّته عن عمل يفعله على وجه الصحّة ، كما هو ظاهر حال كلّ مسلم ، بل كلّ عاقل ، فكأنّه قال كلّ من كان في حين العمل ذاكراً وشكّ في صحّته وفساده بعده ، من جهة احتمال إيجاده على الوجه المعتبر وعدمه فلا يعتني بهذا الشك . فعلى هذا تختص القاعدة بما كان العامل حين العمل ملتفتاً إلى العمل ، بحيث يكون احتمال الفساد مستنداً إلى تقصيره ، كما في الصورة الأُولى دون ما لم يكن مستنداً اليه ، كما في الصورة الثانية . والحاصل : أنّ مقتضى التعليل أنّ هذه القاعدة مخصوصة بما إذا كان احتمال فساد العمل ناشئاً عن تقصيره فلا يعتني به ، لأنّ شخص المسلم أو العاقل الذاكر الملتفت إذا كان بصدد عمل لا يوجده إلاّ صحيحاً ، ولا تعمّ ما إذا كان احتمال الفساد ناشئاً من غير جهة تقصيره فتأمل ، لا أقلّ من الشك في شمولها لهذه الصورة وهو كاف في الحكم بالعدم في المقام ، لأنّ الحكم بالبناء على الصحة عند الشك على خلاف الأصل فيقتصر فيه على المتيقّن ، وهو ما كان الشكّ في الفساد ناشئاً عن تقصيره . مع أنّه يمكن القول بأنّ هذه الأخبار ليست تعبّدياً صرفاً ، بل امضاء للسيرة وبناء العقلاء على عدم الاعتناء بالشك في صحّة العمل وفساده بعد مضيه في تمام
[1] وسائل الشيعة : ب 42 من أبواب الوضوء ح 6 ج 1 ص 331 . [2] وسائل الشيعة : ب 42 من أبواب الوضوء ح 7 ج 1 ص 331 .