أمّا الكلام من الجهة الأُولى فهو : أنّه لا إشكال في أنّ اختلاف بعض العناوين ربّما يوجب اختلاف المأمور به بحسب الأجزاء والشرائط قلّة وكثرة كالحاضر والمسافر والقادر والعاجز ونحوهما من العناوين ، وإنّما الإشكال في أنّ عنوان الذاكر والناسي أيضاً من هذا القبيل ، أو من قبيل العناوين التي لا يوجب اختلافها اختلاف المأمور به ، فإن قلنا بالأوّل وهو إمكان أن يكون المأمور به في حقّ الناسي غير ما هو المأمور به في حقّ الذاكر ، إمّا بأن يتوجّه خطاب يعمّ الذاكر والناسي بالخالي عن الجزء والشرط المشكوكين ، ويتوجّه خطاب يخصّ الذاكر بإيجاده مع الجزء أو الشرط المشكوكين أو بأن يتوجّه خطاب بالخالي عن الجزء والشرط المشكوكين إلى الناسي لا بعنوان الناسي حتى يتوهّم استحالته ، بل بعنوان ملازم له مع عدم التفاته إلى الملازمة ، وإلاّ لخرج أيضاً عن كونه ناسياً كعنوان البلغمي والمرطوبي ، بل لا يحتاج إلى هذه التكلّفات في الأحكام الشرعيّة التي قد عرفت أنّها من قبيل القضايا الحقيقية التي علّق الحكم فيها على موضوعاتها المقدّرة وجوداتها ، إذ يمكن أن يجعل بنحو القضية الحقيقية المكلّف به بعنوان الذاكر هو المركّب المشتمل على الجزء والشرط المشكوكين ، وبعنوان الناسي هو الفاقد لهما . وشخص الناسي حين اشتغاله بالعمل من جهة غفلته عن نسيانه بزعم أنّه ذاكر ويأتي بما هو المأمور به في حقّ الذاكر ، والحال أنّه ناس ، ويأتي بما هو المأمور به في حقّ الناسي فيكون من باب الخطأ في التطبيق ولا يضرّ بصحّة عمله ، لأنّه قصد امتثال الأمر الواقعي المتوجّه إليه وأتى بما هو المأمور به في حقّه واقعاً ، إلاّ أنّه اعتقد أنّه ذاكر ويأتي بما هو وظيفة الذاكر ، ولكن كان في الواقع ناسياً وأتى بما هو وظيفة الناسي فليس إلاّ من باب الخطأ في التطبيق الذي لا يضرّ بقصد الامتثال وصحّة العمل ، فتأمّل . فبناءً على إمكان اختلاف المأمور به زيادة ونقيصة باختلاف الذكر والنسيان - كما هو الحقّ - فلابدّ من ملاحظة دليل المقيّد ودليل القيد ، فإن كان لدليل القيد إطلاق يعمّ حالتي الذكر والنسيان مثل " لا صلاة إلاّ بطهور " و " لا صلاة إلاّ