الواجبات والمحرّمات وخروج ما عدا مؤدّيات الأمارات والأُصول من أطراف الشبهة عن طرفيّة العلم الإجمالي في عدم وجوب الاحتياط فيها . قلت : العلم الحادث إنّما لا يوجب الانحلال إذا كان المعلوم أيضاً حادثاً كالمثال المذكور أي العلم بحدوث النجاسة في أحد الإناءين المعلوم نجاسة أحدهما إجمالا ، وأمّا إذا كان المعلوم سابقاً كما في المقام فيوجب الانحلال . فالمدار في الانحلال وعدمه على سبق المعلوم ولحوقه لا على سبق العلم ولحوقه ، ففرق بين المثال المذكور الذي يكون المعلوم والعلم كلاهما حادثين وبين المقام الذي يكون المعلوم سابقاً وإن كان العلم حادثاً وبعبارة [ أُخرى ] أنّ النجاسة المعلومة تفصيلا في المثال غير النجاسة المعلومة إجمالا ، فلا يوجب انحلال العلم الإجمالي ، بخلاف الواجبات والمحرّمات المعلومة بمقتضى الطرق والأمارات ، فإنّها عين الواجبات والمحرّمات المعلومة بالإجمال فإنّها توجب الانحلال . الثاني : ما قيل من استقلال العقل بالحظر في الأفعال الغير الضروريّة قبل ورود الشرع [1] بتوهّم أنّها تصرّف في ملك الغير وهو الله عزّ وجلّ ، وهو ممّا يستقلّ العقل بقبحه ولا أقلّ من الوقف وعدم استقلاله لا به ولا بالإباحة ، ولم يثبت شرعاً إباحة ما اشتبه حرمته ، فإنّ ما دلَّ على الإباحة معارض بما دلّ على وجوب التوقّف والاحتياط . وفيه : أوّلا : أنّه لا وجه للاستدلال بما هو محلّ الخلاف والإشكال ، وإلاّ لصحّ الاستدلال على البراءة بما قيل من كون تلك الأفعال على الإباحة [2] من جهة أنّ مولى الموالي لا يقاس بغيره ، فإذا كان فعل ليس فيه ضرر عاجل وآجل وكان فيه نفع كشمّ الورد وأمثاله حكم العقل بإباحته وعدم المنع عنه ، فاستكشاف الرخصة كاستكشافها فيها من شاهد الحال بالنسبة إلى الموالي الظاهريّة . وثانياً : أنّه تثبت الإباحة شرعاً ، لما عرفت من عدم صلاحية ما دلّ على
[1] نقله في الحدائق الناضرة : ج 1 ص 44 وكذلك في فرائد الأُصول : ج 1 ص 355 . [2] قاله في الحدائق الناضرة : ج 1 ص 44 .