مثلا لمورد الرواية ، لأنّ الشكّ فيه في أصل التكليف . هذا مع أنّ ظاهر الرواية التمكّن من استعلام حكم الواقعة بالسؤال والتعلّم فيما بعد ولا مضايقة عن القول بوجوب الاحتياط في هذه الواقعة الشخصيّة حتى يتعلم المسألة بما يستقبل من الوقائع . ومنه يظهر إن كان المشار إليه بهذا هو السؤال عن حكم الواقعة كما هو الثاني من شقيّ الترديد ، فإن أُريد بالاحتياط فيه الافتاء بالاحتياط لم ينفع فيما نحن فيه ، وإن أُريد من الاحتياط الاحتراز عن الفتوى فيها حتى بالاحتياط فكذلك ، لأنّ الإفتاء بغير العلم لا إشكال في حرمته وخروجه عن محل النزاع . ومنها : موثقة عبد الله بن وضّاح - على الأقوى - قال : كتبت إلى العبد الصالح : 2 يتوارى عنّا القرص ، ويقبل الليل ، ويزيد الليل ارتفاعاً ، ويستر عنّا الشمس ، ويرتفع فوق الجبل حمرة ، ويؤذّن عندنا المؤذّنون فأُصلي حينئذ ، وأفطر إن كنت صائماً ، أو أنتظر حتى تذهب الحمرة التي فوق الجبل ؟ فكتب : " أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة ، وتأخذ بالحائط لدينك " [1] . فإنّ الظاهر أن قوله ( عليه السلام ) : " تأخذ بالحائط " بيان مناط الحكم ، كما في قولك ، للمخاطب : أرى لك أن توفيّ دينك وتخلّص نفسك فيدلّ على لزوم الاحتياط . والجواب عن هذه الموثّقة أيضاً هو ما ذكره الشيخ ( قدس سره ) [2] من أنّ ظاهرها هو الاستحباب بقرينة قوله : " أرى لك أن تنتظر " مع أنّ الظاهر أنّ المراد بالاحتياط من حيث الشبهة الموضوعيّة لاحتمال عدم استتار القرص وكون الحمرة المرتفعة أمارة عليها ، لأنّ إرادة الاحتياط في الشبهة الحكميّة بعيدة عن منصب الإمام ( عليه السلام ) لأنّه لا يقرّر الجاهل على جهله . ولا ريب أنّ الانتظار مع الشكّ في الاستتار واجب ، لأنّه مقتضى استصحاب عدم الليل والاشتغال بالصوم وقاعدة الاشتغال بالصلاة ، فالمخاطب بالأخذ
[1] وسائل الشيعة : ب 16 من أبواب المواقيت ح 14 ج 3 ص 129 . [2] فرائد الأُصول : في أدلة البراءة ج 1 ص 348 .