لكم " [1] ولا إشكال أيضاً في حرمته وخروجه عن محلّ النزاع . وعلى تقدير شمولها أو بعضها لمحلّ النزاع لابّد من تخصيصها عقلا وحملها على أحد هذه الوجوه والصور على سبيل منع الخلو ، وذلك لأنّ الأمر بالوقوف في هذه الأخبار إرشادي لا مولوي ، والفرق بينهما هو أنّ الأمر الإرشادي ما كان ناشئاً عمّا في متعلّقه من المنفعة والمصلحة بحيث لا يترتّب على موافقته سوى تلك المنفعة وعلى مخالفته سوى عدم تلك المنفعة ، فهو في الحقيقة بيان لحال المتعلّق بأنّ فيه هذه المنفعة لأن تصير باعثة على الفعل بخلاف الأمر المولوي فإنّه وإن كان ناشئاً عن المصلحة الكامنة في الفعل بناءً على مذهب العدليّة من تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد ، إلاّ أنّه لا يترتّب على موافقته ومخالفته سوى المصلحة الكامنة في الفعل والمفسدة الكامنة في الترك التي هي عبارة عن المثوبة والعقوبة ، فليس الغرض منه بيان حال المتعلّق بأنّ فيه المصلحة ، بل الغرض منه أن يصير باعثاً للمكلّف على الفعل لو لم يكن له باعث آخر . والأمر وإن كان ظاهراً في المولوية إلاّ أنّه مع قيام القرينة على الإرشاديّة لابدّ من حمله عليها ، والقرينة في هذه الأخبار موجودة وهو تعليل الأمر بالوقوف بأنّه خير من الاقتحام في الهلكة ، فالغرض من الأمر بالوقوف عند الشبهة هو عدم وقوع المكلّف في الهلكة المحتملة ، فلابدّ من إحراز احتمال الهلكة فإنّ كانت الهلكة المحتملة عقاباً كان التحرّز عنه لازماً ، وإن كان غير العقاب من المضار فالتحرّز عنه مستحب ، والهلكة المحتملة في الشبهة التحريميّة ليست عقاباً باتفاق المجتهدين والأخباريين ، لاعترافهم بقبح العقاب على الحرمة الواقعية المجهولة ، وإن زعموا ثبوت العقاب من جهة بيان التكليف في الشبهة بأوامر التوقّف والاحتياط . وتنحصر الهلكة المحتملة الأُخرويّة - أعني العقاب - بالموارد المذكورة وبالشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي ، ونحن نقول بوجوب الاحتياط فيها . وهذا الذي ذكرنا هو المتحصّل من الجوابين اللذين ذكرهما الشيخ ( قدس سره )
[1] وسائل الشيعة : ب 12 من أبواب صفات القاضي ح 61 ج 18 ص 129 .