تجري في مقام تشخيص المراد وقد تجري في مقام تشخيص الوضع : وهذه الأُمور بعضها معتبر وبعضها غير معتبر . والنزاع في بعضها صغروي مثل التبادر ، فإنّه لا إشكال في كونه علامة الحقيقة إذا كان مستنداً إلى حاقّ اللفظ مع قطع النظر عن القرائن الحاليّة والمقاليّة المكتنفة باللفظ ، وكذلك عدم صحّة السلب . وفي بعضها كبروي مثل تنصيص أهل اللغة ، فإنّه بعد إحراز الصغرى يقع النزاع في أنّ بهذا التنصيص يثبت الوضع أم لا ؟ فإن حصل من التنصيص علم بالوضع أو وثوق واطمئنان فهو ، وإلاّ فيشكل الاعتماد على قول الواحد من باب كونه رجوعاً إلى أهل الخبرة ، واعتبار قول كلّ ذي صنعة بالنسبة إلى ما يتعلّق بصنعته وكلّ ذي خبرة بالنسبة إلى ما يتعلّق بخبرويته . كما قيل : إنّ رجوع المقلِد إلى المقلَد من هذا الباب [1] ، لأنّه لا دليل على اعتباره ما لم يتحقّق فيه شرائط الشهادة من التعدّد والعدالة ، ولذا اعتبروا في المقوّم وأمثاله كليهما ، هذا فيما لو ثبت التنصيص على الوضع . وأمّا الكتب اللغويّة فليست معدّة إلاّ لبيان موارد الاستعمال ، وأمّا أنّ أيّ واحد من المعاني معنى حقيقي وأيّها معنى مجازي فلا يظهر منها . وإن قيل [2] بأنّ المعنى المذكور أوّلا معنى حقيقي وغيره معنى مجازي لكنّه غير معلوم . نعم يمكن أن يكون المعنى المذكور أوّلا به شدّة اهتمام من جهة كونه أشهر ، أو لوقوعه في الكتاب والسنّة بالنسبة إلى الكتب اللغوية المعدّة لبيان الألفاظ الواقعة فيها . فتحصّل : أنّ من جملة علائم الوضع : التنصيص بأن قال بعض أهل اللغة بأنّ هذا اللفظ موضوع لذلك المعنى ، وقد عرفت الاشكال في ثبوت الوضع به فيما لم يجتمع فيه شروط الشهادة ، إلاّ إذا حصل الوثوق والاطمئنان . وأمّا الكتب اللغويّة فلا يثبت بها إلاّ موارد الاستعمال ، وأمّا أنّ أيّها موضوع له وأيّها غير موضوع له فلا يثبت بها .
[1] تقريرات الميرزا الشيرازي : القول في الصحيح والأعم ج 1 ص 399 . [2] زيدة الأُصول : ص 23 .