بين الحرمة والوجوب ، وتعرّض لكلّ واحد من هذه الأقسام الثلاثة في طي مسائل أربع ، بملاحظة أنّ منشأ الشكّ إمّا فقدان النصّ أو إجماله أو تعارضه فيما إذا كان متعلّق التكليف المشكوك فعلا كلّياً متعلّقاً لحكم كلي كشرب التتن ، أو الدعاء عند رؤية الهلال ، أو الأُمور الخارجيّة فيما إذا كان متعلّق التكليف المشكوك فعلا جزئياً متعلّقاً لحكم جزئي كشرب هذا المائع المحتمل كونه خمراً . ولمّا لم يكن لتثليث الأقسام والتعرّض لكلّ قسم في طيّ مسائل أربع كثير فائدة ، من جهة عدم الفرق بين القسمين الأوّلين فيما هو المهم من جريان أدلّة البراءة أو الاحتياط وعدم الفرق بين فقدان [ النص ] وإجماله وتعارضه بناءً على القول بالتوقّف عند التعارض ، إذ المقصود عدم وجود الدليل المعتبر ، سواء كان من جهة فقده أو إجماله أو تعارضه ، إلاّ على القول بأنّ إجمال النصّ يوجب الاحتياط ، لأنّه من الشك المكلف به دون فقدانه . فلذا جعل صاحب الكفاية ( قدس سره ) [1] القسمين الأوّلين قسماً واحداً وتعرّض عنه في طي مسالة واحدة ، لأنّ ذكر الشبهة الموضوعية استطراديٌّ فينحصر المقصود الأصلي في كّل قسم بالمسائل الثلاث وهي مسألة فقدان النصّ وإجماله وتعارضه ، ومن جهة عدم الفرق بين هذه المسائل الثلاث فيما هو المهمّ كما عرفت ينحصر المقصود الأصلي بمسألة واحدة . ولعلّ نظر الشيخ في تثليث الأقسام إلى الفرق بين القسمين الأوّلين عند الأخباريين ، فإنّهم في الشبهة التحريميّة قالوا بوجوب الاحيتاط من جهة اختصاص بعض الأخبار الدالّة على الاحتياط بها كقوله : " كلّ شيء حلال حتى تعرف الحرام " [2] و " كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي " [3] بناءً على أن لا يكون في تلك الرواية " أو أمر " - على ما حكي عن بعض النسخ - وإلاّ فتعمّ تلك الرواية
[1] كفاية الأُصول : في الامارات ص 296 . [2] وسائل الشيعة : باب 4 من أبواب ما يكسب به ح 4 ج 12 ص 60 . [3] وسائل الشيعة : باب 12 من أبواب صفات القاضي ح 60 ج 18 ص 127 .