التكليف الفعلي على قدر القدرة الموجب للرجوع إلى الكتاب والسنّة على نحو يحصل منهما الظنّ بالحكم دلالة أو سنداً بعد فرض عدم إمكان الرجوع إليهما على نحو يحصل منهما العلم أو ما بحكمه لا دعوى لزوم الرجوع إلى هذه الأخبار المحكيّة ، لاستلزام عدم الرجوع إليها الخروج من الدين من جهة العلم بمطابقة كثير منها للتكاليف الواقعية حتى يرجع إلى دليل الانسداد ، أو لأجل خصوص العلم الإجمالي بصدور أكثر هذه الأخبار حتى يرجع إلى الوجه الأوّل ، فهو سالم عمّا أورده ( قدس سره ) إلاّ أنّه يرد عليه أنّه لازم ذلك - أي العلم الإجمالي بوجوب الرجوع إلى الكتاب والسنّة المحكيّة - الاقتصار على القدر المتيقّن ممّا يحتمل وجوب الرجوع إليه منهما لو كان ، فإن وفى بمعظم الفقه فهو ، وإلاّ فالتعدي إلى المتيقن من الباقي لو كان وهكذا ، وإلاّ فالاحتياط في الرجوع إليهما ولو لم يحصل منهما الظنّ بالحكم . هذا بناءً على العلم بوجود ما يجب الرجوع إليه ممّا يفي بمعظم الفقه من الأخبار فيما بأيدينا ، مع أنّ مجال المنع عنه واسع لاحتمال أن يكون المرجع منها قسماً خاصّاً لم يكن بينها أصلا ، أو لم يكن بمقدار الكفاية . انتهى كلامه في التعليقة [1] ، وقريب من هذا المضمون أفاد في الكفاية [2] كما يظهر بالمراجعة إليها . فتحصّل : أنّ مراد الشيخ ( قدس سره ) هو أنّ مراد المستدلّ من السنّة إن كانت هي السنّة الواقعيّة - أعني نفس قول الإمام أو فعله أو تقريره كما هي معناها المصطلح عليها - وهي الظاهرة من مقابلتها للكتاب ، فهذا الوجه يرجع إلى دليل الانسداد الآتي ، لأنّ مرجعه إلى أنّه يجب علينا تحصيل الأحكام الواقعية من الكتاب والسنّة الواقعية فإن أمكننا تحصيلها علماً فهو ، وإلاّ فلابّد من التنزّل إلى الظنّ ، ونتيجة دليل الانسداد إمّا التبعيض في الاحتياط - كما اختاره ( قدس سره ) - أو حجية الظنّ في الجملة أو مطلقاً .
[1] حاشية الآخوند على الرسائل : ص 73 . [2] كفاية الأُصول : في الوجوه التي أُقيمت على حجية خبر الواحد ص 353 .