فليست في محلّها . ولعلّ هذه الدعوى قرينة على أنّ مراد المستدلّ من السنّة نفس قول الحجّة أو فعله أو تقريره لا حكايتها التي لا توصل إليها على وجه العلم . نعم لو ادّعى الضرورة على وجوب الرجوع إلى تلك الحكايات الغير العلمية لأجل لزوم الخروج عن الدين لو طرحت بالكليّة . يرد عليه أنّه إن أراد لزوم الخروج عن الدين من جهة العلم بمطابقة كثير منها للتكاليف الواقعية التي يعلم بعدم جواز رفع اليد عنها عند الجهل بها تفصيلا ، فهذا يرجع إلى دليل الانسداد الذي ذكروه لحجّيّة الظنّ ، ومفاده ليس إلاّ حجيّة كلّ أمارة كاشفة عن التكليف الواقعي ، وإن أراد لزومه من جهة خصوص العلم الإجمالي بصدور أكثر هذه الأخبار حتى لا يثبت بها غير الخبر الظني من الظنون ليصير دليلا عقلياً على حجيّة خصوص الخبر ، فهذا الوجه يرجع إلى الوجه الأوّل الذي قدّمناه وقدّمنا الجواب عنه ، فراجع . انتهى كلامه زيد في علّو مقامه [1] . وقد أورد في الكفاية [2] والتعليقة على الشيخ ( قدس سره ) بأنّ مراد المستدلّ من السنّة - على ما صرّح به في الجواب عن بعض ما أورده على نفسه - هي الأخبار المحكيّة لا نفس ما يحكى بها من قول الحجّة وفعله وتقريره ، وتنزيلها عليها كما أفاده ( قدس سره ) اجتهاد في مقابلة النص ، وكأنّه ( قدس سره ) ما لاحظ تمام ما أورده في المقام من النقض ، كما أنّ ظاهر كلامه على ما يشهد به مراجعة تمامه على طوله دعوى العلم بوجوب الرجوع إلى الكتاب والسنّة علينا فعلا ، ولزوم الخروج عن عهدة هذا التكليف عقلا بأن يرجع إليهما على نحو يحصل منهما العلم بالحكم أو الظنّ الخاص لو أمكن ، وإلاّ فعلى وجه يحصل منهما الظنّ بالحكم ، سواء كان عدم التمكّن من العلم وما بحكمه في الدلالة وحدها كما في الكتاب والخبر المتواتر ، أو فيها وفي السند كما في السنّة المحكيّة بخبر الواحد . فيكون الاستدلال بهذا الوجه استقلال العقل بلزوم الخروج عن عهدة هذا
[1] فرائد الأُصول : ج 1 ص 172 - 174 . [2] كفاية الأُصول : في الوجوه التي أُقيمت على حجيّة خبر الواحد ص 353 .