لو كان فيما بأيدينا من الأخبار ثلاثة أخبار في تخصيص ( أوفوا بالعقود ) بخيار المجلس وكان ألف خبر في الأخبار التي ما وصلت إلينا في هذا الباب لا يوجب زيادة تخصيص . نعم يوجب تعاضد الأدلّة وتكاثرها ، ولذا ترى أنّ صاحب الوسائل أو المستدرك مثلا لم يعقدا باباً غير الأبواب التي في كتب السابقين وإن زادا الأخبار في الأبواب بأن كان في كلّ باب من كتب السابقين خمسة أخبار وهما ذكرا - مثلا - عشرة أخبار . كما أنّ دعوى أنّ هناك علمان إجماليان أحدهما دائرته مخصوصة بما بأيدينا من الأخبار والآخر دائرته أعمّ منها ومن غيرها أيضاً مخارفة ، لما عرفت من [ أن ] العلم الإجمالي إنّما حصل من المخصّصات والمقيّدات التي ثبتت لنا بهذه الأخبار التي بأيدينا ، فكيف يكون علم آخر دائرته أوسع ؟ وأين مدرك هذا العلم الثاني ؟ مع ما عرفت أنّ كثرة الأخبار لا توجب زيادة الأحكام . فتحصل : أنّ العلم الإجمالي بإرادة خلاف ظواهر الكتاب لا يوجب عدم حجيّة الظواهر رأساً وبالكليّة ، بل يوجب الفحص ، ونحن نلتزم به . وأمّا سائر الوجوه التي ذكروها لعدم حجيّتها فالجواب عنها هو الحمل على ما ذكرناها من المحامل ، فإنّها لو فرض بعدها في نفسها إلاّ أنّه لا بدّ من ارتكابها بملاحظة معارضاتها ممّا دلّ على حجيّة ظواهر الكتاب كخبر الثقلين [1] وسائر الأخبار الدالّة على جواز التمسّك به والعمل بما فيه ، وعرض الأخبار المتعارضة عليه ، وردّ الشروط المخالفة [2] ، وغير ذلك ممّا لا محيص عن إرادة الإرجاع إلى ظواهره لا خصوص نصوصه ، ضرورة أنّ الآيات التي يمكن أن تكون مرجعاً في باب تعارض الروايات أو الشروط ، أو يمكن أن يتمسّك بها ويعمل بما فيها ليست إلاّ ظاهرة في معانيها ، ليس فيها ما كان نصاً ، كما لا يخفى .
[1] وسائل الشيعة : ب 5 من أبواب صفات القاضي ح 9 ج 18 ص 19 . [2] وسائل الشيعة : ب 9 من أبواب صفات القاضي ج 18 ص 75 .