هو معنى جعل السببيّة . نعم لا مانع من جعل السبب ، وبعد جعله تكون السببية ذاتيّة له كما في تمام التكاليف الشرعيّة ، فإنّها أسباب لأحكام عقلية من وجوب الإطاعة وحرمة المعصية وغيرهما وأحكام شرعيّة ، وبعد جعلها تكون سببيتها لتلك الأحكام ذاتية . ويمكن أن يقال : إنّ الحجّيّة وإن كانت غير قابلة للجعل بأن يجعل الشارع ما ليس لقاطع للعذر تكويناً قاطعاً للعذر تشريعاً ، كما هو معنى جعل الحجيّة . لكن نفس الجعل حجّة . وبعبارة أُخرى أنّ الحجّيّة والقاطعيّة للعذر وإن لم يمكن أن تكون مجعولة ، لكن نفس جعله حجّة وقاطع للعذر ، فتأمّل . وأمّا وقوعاً فلم يظهر من الأدلّة الدالّة على التعبّد بالأمارات أنّ المجعول الشرعي هي الحجّية ، وقوله ( عليه السلام ) " فإنّهم حجّتي عليكم ، وأنا حجّة الله عليهم " [1] فلا دلالة له على ذلك كما لا يخفى ، إذ المقصود هو أنّه كما يجب الرجوع إلى الإمام ( عليه السلام ) في الحوادث الواقعة ويكون حكمه حجّة كذلك يجب الرجوع إلى العلماء مع عدم حضور الإمام ويكون حكمهم حجّة على الرعية ، وأين هذا من كون المجعول الشرعي في باب الأمارات هي نفس الحجيّة . ومن جملة الأُمور التي يشكّ في كونها قابله للجعل أم لا البنوّة ، فإنّها يمكن أن تكون مثل الزوجيّة قابلة للجعل ، ويمكن أن تكون مثل السببيّة غير قابلة للجعل ، فإن قلنا بأنّها قابلة للجعل فقوله ( عليه السلام ) : " الولد للفراش وللعاهر الحجر " [2] يكون تخطئة للعرف في اعتقادهم بأنّ الابن كلّ من وُلِدَ من ماء الشخص ، وأنّه ليس بولد شرعاً ، ولا يترتّب عليه أحكام الولديّة أصلا ، وإن قلنا بأنها غير قابلة ، وأنّها أمر تكويني وهو التولّد من ماء الشخص يكون سلباً لأحكام الولد عنه شرعاً ، وإن كان ولداً واقعاً . ولابدّ حينئذ من ملاحظة إطلاق ذلك الدليل أو عمومه ، فإن كان له إطلاق أو عموم فيكون تمام أحكام الولد مسلوباً عنه شرعاً ، وإلاّ
[1] وسائل الشيعة : ب 11 من أبواب صفات القاضي ج 9 ج 18 ص 101 . [2] وسائل الشيعة : ب 15 من نهاية الأحكام الوصايا ح 14 ج 13 ص 376 .