يكون ذلك العمل الذي يشارك التقييد في الأثر وبطلان العمل بإطلاق المطلق مشاركاً مع التقييد في كونه خلاف الأصل . وكأنّه توهّم أنّ إطلاق المطلق ثابت كعموم العام ورفع اليد عنه تارة بالتقييد وأُخرى بالعمل المبطل للعمل به . وهو فاسد ، لأنّه لا يكون إطلاق هناك إلاّ فيما جرت المقدمات . نعم لو كان التقييد بمنفصل ودار الأمر بين رجوعه إلى المادة أو الهيئة كان لهذا التوهّم مجال حيث انعقد للمطلق إطلاق ، وقد استقر له ظهور ولو بقرينة الحكمة فتأمّل [1] . ولعل وجهه : أنّه لا فرق بين التقييد بالمتصل والمنفصل ، وذلك لأنّ كلا من المادة والهيئة مطلق لولا القيد ، يعني أنّ في كلّ منهما جهة الاقتضاء ، للإطلاق ووجود القيد المانع عن الإطلاق ، لإجماله أسقطهما عن الحجيّة في موردهما كما هي قضيّة التقييد بالمجمل ، لأنّ واحداً من الإطلاقين مقيّدٌ قطعاً والآخر مطلق قطعاً ، ومع الاشتباه يسقطان معاً عن الحجيّة ، ولولا ثبوت مقتضى الإطلاق فيهما معاً لما كان للتقييد معنى ولما كان للدوران محل كما لا يخفى . فإذا دار الأمر بين إرجاع القيد إلى المادة أو الهيئة فلا شكّ في أنّ الإرجاع إلى المادة أولى ، لبقاء إطلاق الهيئة - حينئذ - على حاله بخلاف العكس فإنّه يوجب ابطال إطلاق المادة أيضاً كما لا يخفى . والحاصل : أنّه لا فرق بين التقييد بالمتصل والمنفصل في أنّه إذا دار الأمر بين رجوع القيد إلى المادة أو الهيئة : إن قلنا برجوعه إلى الهيئة يلزم مخالفة الأصل من جهتين : من جهة إطلاق الهيئة ، ومن جهة إطلاق المادة . وإن قلنا برجوعه إلى المادة يلزم مخالفته من جهة واحدة ، لأنّ تقييد المادة لا يستلزم تقييد الهيئة ، فكما إذا دار الأمر بين رفع اليد عن إطلاق منعقد أو إطلاقين منعقدين كما في التقييد بالمنفصل فلا ريب في أنّ الأوّل أولى من الثاني ، لأنّ مخالفة الأصل فيه وهو رفع