وجه لتوهّم خروج المقدمة الشرعيّة عن محلّ النزاع كما حكي عن بعض . وأمّا المقدمة العادية فبالمعنى الأوّل لا إشكال في خروجها عن محلّ النزاع ، بل ليست مقدمة في الحقيقة ، وأمّا بالمعنى الثاني فهي راجعة إلى العقليّة وداخلة في محلّ النزاع . ومنها : تقسيمها إلى مقدمة الوجود ومقدمة الصحّة ومقدّمة الوجوب ومقدمة العلم . لا يخفى دخول مقدمة الوجود في محلّ النزاع ، وكذلك مقدّمة الصحّة ، سواء قلنا برجوعها إلى مقدمة الوجود بأن اعتبرناها بالقياس إلى المأمور به بوصف كونه مأموراً به ، فإن وجود المأمور به بذلك الوصف متوقّف عليها ، إذ لا يكون المأمور به إلاّ صحيحاً ، ووجود الصحيح موقوف عليها ، أو قلنا بعدم رجوعها إليها بأن اعتبرناها بالقياس إلى ذات المأمور به مع قطع النظر عن كونه مأموراً به وأمّا مقدمة الوجوب فلا إشكال في خروجها عن محلّ النزاع ، لأنّه ما لم توجد المقدمة الوجوبيّة لا يحدث الوجوب لذي المقدمة ، فلا يمكن أن يترشّح من وجوب ذي المقدمة وجوب غيري إليها ، لأنّه يكون من باب تحصيل الحاصل ، إذ وجوب المقدمة موقوف على وجوب ذي المقدمة ووجوب ذي المقدمة موقوف على وجود المقدمة فيتوقّف وجوب المقدمة على وجودها . وتعلّق الطلب بالأمر الموجود تحصيل للحاصل . وأمّا مقدّمة العلم فلا إشكال في رجوعها إلى مقدمة الوجود ودخولها في محلّ النزاع فيما إذا كان تحصيل العلم واجباً شرعاً ، وكذلك إذا كان واجباً بحكم العقل من باب الخروج عن عهدة التكليف المنجز ، إلاّ أنّه كان الإتيان بذي المقدمة غير ممكن بحسب الدقة العقليّة إلاّ بإتيان المقدمة كإدخال جزء من فوق المرفق ، أو من قصاص الشعر في غسل الوجه واليد ليخرج عن عهدة الغسل المأمور به وهكذا أمثالهما ، وأمّا لو لم يكن كذلك كالصلاة إلى أربع جهات فلا يرجع إلى مقدمة الوجود لو لم يكن تحصيل العلم واجباً .