باللفظين فكذلك كلّ واحد من المعنيين ، فهما مرادان ولكن بنحو إرادة اللفظين . وإن كنت في ريب ممّا قلنا فاستوضح الحال بتشبيه المعقول بالمحسوس وهو أنّه كما لا يمكن - مثلا - أن يكون المنظور بالنظر الواحد التفصيلي متعدّداً تفصيلا بحيث يكون تمام النظر إلى كلّ واحد من المتعدّدين مع قطع النظر عن الغير كما هو معنى كون كلّ واحد منظوراً تفصيلا ، فإذا كان النظر واحداً تفصيلا فلابدّ أن يكون المنظور أيضاً كذلك . نعم يمكن أن يتعلّق نظر واحد إجمالي بمتعدّد يكون كلّ واحد منهم منظوراً إجمالا ، كما إذا نظر إلى جماعة بنظر واحد ولكن هذا النظر الواحد الإجمالي ينحلّ إلى نظرات متعددة حسب تعدّد المنظور إليهم ، وكما لا يمكن أن يتعدّد الضربات بضرب واحد بآلة واحدة كالسوط الواحد ، بل لابدّ في تعدّدها إمّا بتعدّد الضرب أو بتعدّد الآلة ، ولو بوجه ما كالضرب بالعصا الواحد مراراً ، أو الضرب بمثل الضغث الذي هو وإن كان واحداً من جهة إلاّ أنّه متعدّد من جهة أيضاً . فكذلك في المقام لا يمكن في استعمال واحد للفظ واحد مع تعلّق إرادة تفصيليّة واحدة باللفظ أن يكون المراد بتلك الإرادة الاستعمالية الواحدة التفصيلية معنيين على وجه يكون كلّ واحد منهما مراداً تفصيلا . والحال أنّ إرادة المعنى تبع إرادة اللفظ ، بل هي عينها ، فإذا كانت الإرادة التفصيليّة الاستعمالية في طرف اللفظ واحدة ففي طرف المعنى - أيضاً - لابدّ أن تكون واحدة فالعمدة في عدم الجواز هو هذا . ومنه يظهر أنّ الحقّ في تحرير محل النزاع هو أنّه هل يجوز استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى وإرادة الأكثر منه على نحو يراد كلّ واحد منه في استعمال واحد أم لا ؟ ولا حاجة بل لا وجه لأخذ قولهم بحيث يكون كلّ واحد متعلّقاً للحكم ومورداً للإثبات والنفي ، وذلك لأنّ الحكم تابع لكيفيّة الإرادة فبأيّ وجه تعلّقت الإرادة الحكم يتبعها ، فالمدار في محلّ النزاع على الإرادة ، وأنّ مع تعلّق الإرادة الواحدة الاستعمالية التفصيليّة باللفظ لا يمكن إرادة معنيين بإرادتين