وعلى أيّ حال فلا يكون هذا الدليل دليلا عقليّاً لإثبات حجّية خصوص الظن الخبري وإن كانت الظاهرية - أي أخبار الآحاد - الحاكية عن السنّة الواقعية كما هو الظاهر من ذيل كلام المستدلّ ، فهذا الوجه يرجع إلى الوجه الأوّل الذي قدّمناه وقدّمنا الجواب عنه ، فلا يكون وجهاً على حدة ، ومراد صاحب الكفاية ( قدس سره ) هو أنّ مراد المستدلّ من السنّة هي السنّة الظاهرية أي الأخبار الحاكية كما هو صريح كلام المستدلّ في آخر كلامه ، وحمله على السنّة الواقعية اجتهاد في مقابل النص . ومع هذا لا يرجع هذا الوجه إلى الوجه الأوّل بالبيان المتقدّم إلاّ أنّه يرد عليه أنّ لازم ذلك الاقتصار على القدر المتيقّن كما تقدم . هذا تمام الكلام في الأدلة التي أقاموها على حجيّة خبر الواحد ، وقد عرفت عدم دلالة بعضها ودلالة بعضها مثل آية النبأ والأخبار التي قد عرفت أنّها متواترة إجمالا ، والتمسك بها على حجّية خبر الواحد ليس تمسّكاً بخبر الواحد على حجّية خبر الواحد ، واستقرار سيرة العقلاء من ذوي الأديان وغيرهم على الأخذ بأخبار الآحاد من الثقات . فهذه الأدلّة الثلاثة كافيه لإثبات حجّية خبر الواحد ، ولا حاجة لنا إلى سائر الأدلّة النقليّة والعقليّة لإثبات حجية خبر الواحد ولا لإثبات حجّية مطلق الظن ، لأنّه بعد إثبات حجّية خبر الواحد بتلك الأدلّة يكون باب العلمي بمقدار واف بمعظم الفقه مفتوحاً ، فلا ينتهي الأمر إلى العمل بالظنّ المطلق حتى نحتاج إلى إثبات حجّيته ، فالبحث عن حجّية مطلق الظنّ - على هذا - يكون قضيّة فرضيّة على تقدير عدم حجّية خبر الواحد بالخصوص . وأمّا الوجوه العقليّة التي أقاموها على حجّية مطلق الظنّ من غير خصوصيّة للخبر يقتضيها نفس الدليل وإن اقتضاها أمر آخر ، وهو كون الخبر مطلقاً أو خصوص قسم منه متيقّن الاعتبار من ذلك الدليل إذا فرض أنّه لا يثبت إلاّ الظنّ في الجملة ولا يثبته كلّية ، وهي أُمور أربعة : الأوّل : أنّ في مخالفة المجتهد لما ظنّه من الحكم الوجوبي أو التحريمي مظنّة للضرر ، ودفع الضرر المظنون لازم .