فصل قد ظهر أنّ الشيوع والسريان إن كان داخلا فيما وضع له اسم الجنس - كما نسب إلى المشهور - فلا حاجة في إثباته إلى أمر خارج ، بل نفس الوضع يكفي في ذلك وإن قلنا بأنّه موضوع للطبيعة المهملة القابلة لتمام اللواحق والطوارىء بلا دخل لشيء منها في الموضوع له ، فلابدّ في إثباته من دليل خارج من قرينة حالية أو مقالية ، ولو كانت هي مقدمات الحكمة الأُولى منها ، وهي العمدة أن يكون المتكلّم في مقام البيان لا الإهمال والإجمال . والفرق بين الإهمال والإجمال هو أنّ الأوّل أن يكون المتكلّم في مقام بيان الحكم الحيثي والاقتضائي كما في الخطابات الواردة في مقام أصل التشريع مثل قوله تعالى : ( أقيموا الصلاة ) [1] وأمثاله ، وكما في قول الطبيب للمريض ، لابدّ لك من شرب الدواء ، فإنّه بمجرد معاينته انحراف مزاجه يعلم أنّه لابدّ له من شرب الدواء ، ولكن الآن ليس في مقام تعيين الدواء وخصوصياته ، بل ربّما لا يعلمه فعلا ، والثاني في أن يكون المتكلّم في مقام بيان الحكم الفعلي ، ولكن المصلحة اقتضت تأديته بلفظ مجمل لئلا يفهم المخاطب منه شيئاً وبيانه عند الحاجة كما في قول الطبيب للمريض : لابدّ لك غداً من شرب الدواء الفلاني بلا بيان لكميته وكيفيته فعلا لمصلحة مع علمه بهما فتأمّل .