عامّة المكلّفين - كما هو الظاهر - وأنّ الفرق بينه وبين الواجب العيني هو أنّ الغرض في الواجب الكفائي أمر غير قابل للتعدّد والتكرّر ، فإذا حصل بفعل بعض المكلّفين سقط الواجب من جهة حصول غرضه ، بخلاف الواجب العيني فلا يمكن تقريب الاستدلال على اقتضاء الوجوب كونه عينيّاً بهذا الوجه ، بل مطلقاً ، كما لا يخفى . نعم يمكن أن يقال : بعد إتيان الغير نشكّ في سقوطه وعدم سقوطه والأصل عدم سقوطه ، فيحمل الوجوب على العيني من هذه الجهة ، فتأمّل . المبحث السابع : اختلف القائلون بظهور الصيغة في الوجوب وضعاً أو اطلاقاً فيما إذا وقع عقيب الحظر أو في موقع توهّمه على أقوال : أحدها : وهو ما نسب إلى المشهور من ظهورها في الإباحة . وثانيها : وهو ما نسب إلى بعض العامّة من ظهورها في الوجوب . ثالثها : ما نسب إلى بعض من تبعيّته لما قبل النهي إن علّق بزوال علّة النهي إلى غير ذلك من الأقوال [1] . والتحقيق هو أن يقال : أنّه بناءً على القول بدلالة الصيغة على الوجوب وضعاً لابدّ من حملها عليه فيما إذا وقع عقيب الحظر أو في موقع توهّمه ، لأنّه لابدّ من رفع اليد عن المعنى الحقيقي فيما إذا قامت قرينة معاندة على خلافه . ونفس وقوع الصيغة عقيب الحظر أو في موقع توهّمه ليس من القرائن المعاندة للمعنى الحقيقي ، وأمّا بناءً على القول بظهورها في الوجوب إطلاقاً فلابدّ من حملها على الإباحة بالمعنى الأعم الشاملة للأحكام الأربعة ، وذلك لما عرفت سابقاً من أنّ الصيغة بل مطلق ما يدلّ على الطلب ما استعمل إلاّ في صرف البعث إلى الإعادة ، فإن كان الغرض من البعث والداعي عليه هو وجود غرض في نفس المبعوث إليه تصير مصداقاً للطلب ، وإن كان الغرض في نفس البعث تصير مصداقاً للامتحان ، وإن كان
[1] راجع بدائع الأفكار : ص 294 ، فإنّه قد ذكر الأقوال والقائلين بها بالتفصيل .