وإن كان فيه خفاء في لغة العرب ، إلاّ أنّه لا فرق في محلّ النزاع بين اللغات . وقد استدلّ المحقّق الشريف مضافاً إلى ما ذكرنا من التبادر والوجدان على البساطة كما نقل عن حاشية شرح المطالع [1] حيث أجاب الشارح عن الإشكال الوارد على تعريف النظر بأنّه ترتيب أُمور معلومة للتوصّل إلى أمر مجهول ، وحاصله : أنّ الأُمور جمع ولا أقلّ لابدّ من كون المعرف أمرين فصاعداً ، والحال أنّه قد يحصل التعريف بمثل الناطق والضاحك ممّا لا تعدّد فيه . وحاصل الجواب : أنّ الناطق والضاحك من المشتقات ومفهوم المشتق ، فالتعريف بهما تعريف بأُمور لا بأمر واحد ، فلا يرد الأشكال . وردّ عليه المحقّق الشريف [2] وأختار أنّ مفهوم المشتق بسيط لا مركّب ، وحاصل استدلاله : أنّه لو اعتبر في مفهومه الشيء بأن يكون مفهوم الناطق شيء ثبت له النطق ، فإمّا أن يكون المراد بالشيء الشيء العام أو الشيء الخاص الذي هو مصداق الشيء العام ، فإن كان المأخوذ فيه الشيء العام يلزم أخذ العرض العام في الفصل وهو ممتنع ، لأنّ الفصل ذاتي للماهيّة النوعيّة وتقوم الماهيّة به ، فلو كان العرض العام مأخوذاً فيه - والحال أنّه مأخوذ في الماهيّة - يلزم تقوّم المعروض بالعرض ، وهو محال ، لأنّ العرض يحتاج في وجوده إلى المعروض فكيف يمكن أن يكون مقوماً له ؟ وإن اعتبر فيه الشيء الخاص بأن يكون مفهوم الناطق الأشياء والذوات الخارجية التي ثبت لها النطق يلزم انقلاب القضية الممكنة الخاصّة إلى الضرورية فإنّ قولنا : الانسان ضاحك قضيّة ممكنة خاصّة وعلى تقدير أخذ الشيء الخاص وهو ما صدق عليه الشيء العام تصير قضيّة [ ضرورية ] لأنّه في قوّة أن يقال : الإنسان إنسان له الضحك ، وحمل الشيء على نفسه ضروري . وقد أورد عليه صاحب الفصول بأنّه يمكن لنا أن نختار الشقّ الأول ونجيب عن الإشكال بأنّ كون الناطق فصلا مبنيّ على عرف المنطقيين حيث اعتبروه
[1] شرح المطالع : ص 11 س 13 في شرح قوله إلاّ أن معناه شيء له المشتق منه . [2] شرح المطالع : ص 11 س 13 في شرح قوله إلاّ أن معناه شيء له المشتق منه .