مجرّداً عن مفهوم الذات ، وذلك لا يوجب وضعه لغة وعرفاً [1] ، فلعلّ الذات كانت معتبرة في مفهومه لغة وهم جرّدوه عنها وجعلوه فصلا . والأولى أن يقال : إنّ مفهوم المشتق كان بسيطاً عند قدماء المنطقيين ، فلذا جعلوا الناطق وأمثاله فصلا والمتأخّرون تابعوهم في هذا الاصطلاح وإن كان مفهومه مركّباً عنه ، إذ يرد على التقريب الذي ذكره في الفصول ما أورده عليه في الكفاية وهو : أنّ من المقطوع أنّ مثل الناطق قد اعتبر فصلا بلا تصرّف في معناه اللغوي والعرفي ، بل بما له من المعنى [2] اعتبر فصلا ، أو يقال كما ذكره ( قدس سره ) في الكفاية [3] وحاصله : أنّ الناطق ليس فصلا حقيقيّاً للإنسان وإنّما هو فصل مشهوري منطقي لازم لما هو الفصل الحقيقي وأظهر خواصه يوضع مكانه حيث لم يعلم حقيقته ، ولذا ربّما يجعل لازمانِ مكانه إذا كانا متساويي النسبة إليه كالحساس والمتحرك بالإرادة في تعريف الحيوان . والحال أنّ الفصل الحقيقي في مرتبة واحدة لا يمكن أن يكون متعدّداً كما حقّق في محلّه ، بل لا يمكن معرفة ما هو الفصل الحقيقي كما حقّق فيه أيضاً ، لأنّ فصله الحقيقي هو ما يكون به قوام ذاته وتكون الجهة المميزة له ، كما أنّ جنسه هو ما يكون الجهة المشتركة له ، وهما غير معلومين [4] ، وإنّما الحيوان والناطق لازمان لهما جعلا مكانهما ، فصار المجموع خاصّة مركبة عرّف الانسان بها ، فلا الحيوان جنس له ولا الناطق فصل له ، فلو أخذ فيه الشيء العام لم يلزم أخذ العرض في الفصل الذي هو ذاتي وإنّما يلزم أخذه في الخاصّة التي هي من العرض ولا استحالة فيه . وهذا الذي ذكره ( قدس سره ) هو ما يقتضيه التحقيق في المقام . ثمّ قال : إنّه يمكن لنا أن نختار الشق الثاني ونجيب بأنّ المحمول ليس مصداق
[1] الفصول : في بحث المشتق ص 61 س 35 . [2] كفاية الأصول : في بحث المشتق ص 71 . [3] كفاية الأصول : في بحث المشتق ص 71 . [4] في الأصل : معلومان .