أولا : النقض بما إذا حلف أن لا يصلي صلاة واجبة أو مندوبة في الحمام مثلا ، إذ من الواضح عدم شمول الواجب والمندوب للفاسد ، بل فيما لو نذر أن لا يصلي صلاة صحيحة فيه ، فإنه إن قيل بصحة صلاته فيه بعد ذلك وعدم انعقاد النذر فهو مما لا وجه له ، على أنه جار في نذر المطلق أيضا فلا مانع إذن من التزام القائل بوضعها للصحيحة بذلك ، وإن قيل بعدم صحتها نظرا إلى انعقاد النذر فكيف يتحقق الحنث ؟ مع أن الواقع ليس من أفراد المحلوف على تركه . وثانيا : أن متعلق الحلف في المقام ليس هو الأعم من الفاسدة ، بل الصحيحة خاصة وليس اللفظ مستعملا إلا في ذلك ، وفرق بين بين الفساد الحاصل قبل النذر والحاصل به ، فلفظ الصلاة في المثال المفروض قد استعملت في الصحيحة الجامعة لجميع الأجزاء والشرائط إلا أنها لزمها الفساد بعد تعلق النذر وانعقاده ، ونظير ذلك أنه لو نذر ترك المكروهات في يوم معلوم أو حلف على ترك المباحات فيه فإنه يحنث قطعا بالإتيان بشئ مكروه أو مباح قبل النذر والحلف ، مع أن المأتي به ليس من المكروه والمباح ولا تجوز في لفظ المكروه ولا المباح المتعلق للنذر والحلف المفروضين ، فكذا الحال في المقام ، ومن التأمل في ذلك يتضح حقيقة الحال في العبادات المتعلقة للنهي حسب ما مرت الإشارة اليه . ومنها : أنه يلزم على القول بكونها أسامي للصحيحة أن يفتش عن أحوال المصلي إذا نذر أن يعطيه شيئا ليعلم صحة صلاته بحسب نفس الأمر حتى يحكم ببراءة ذمته عن النذر ، والأخذ بأصالة حمل فعل المسلم على الصحة غير متجه في المقام ، إذ أقصى ما يقتضيه هو حمله على الصحيح عنده وهو مما يختلف باختلاف الآراء ، فقضية الأصل المذكور عدم تعمده الإتيان بالفاسد ، بل عدم إيقاعه لما يعتقد إفساده ولو على سبيل السهو . وأما إتيانه بما يحكم الناذر بصحته فلا ، مثلا إذا رأى رجلا صالحا يصلي صلاة جامعة لجميع الأركان والواجبات لكن لا يدري أنه هل صلى بغسل غير الجنابة من غير وضوء ؟ لفتواه أو فتوى مجتهده بالاكتفاء به فليس له الاجتزاء