وفيه : تأمل ، إذ فيه - بعد الغض عن صحة الوجه المذكور - أنه لا ينطبق عليه ظاهر كلماتهم حيث نصوا على حدوث المعاني الشرعية ، ومع ذلك فمع البناء على كون النزاع في المسألة في الإيجاب والسلب الكليين كما سيجئ بيانه لا يتحقق وجه لما ذكر أيضا ، لاندراج الدينية إذن في الشرعية فيقول بها من يقول بها كليا وينفيها من ينفيها كذلك ، إلا أن يخص الشرعية بما يقابل الدينية ، وهو خلاف ظاهر كلماتهم كما ينادي به ملاحظة حدودهم . ثم إنه قد حكي عن المعتزلة أيضا أن ما كان من أسماء الذوات كالمؤمن والكافر والإيمان والكفر ونحوها حقيقة دينية ، بخلاف ما كان من أسماء الأفعال كالصلاة والزكاة والمصلي والمزكي ونحوها . والظاهر أنهم أرادوا بأسماء الذوات ما كان متعلقا بأصول الدين وما يتبعها مما لا يتعلق بالأعمال ، وبأسماء الأفعال ما كان متعلقا بفروع الدين مما يتعلق بأفعال الجوارح ونحوها . وفيه حينئذ مع ما فيه من ركاكة التعبير أن دعوى الفرق بين ما كان متعلقا بأصول الدين وما يتعلق بالفروع بكون الأول مما لا يعرف أهل اللغة لفظه أو معناه ، بخلاف ما تعلق بالثاني من وضوح الفساد بمكان لا يحتاج إلى البيان . والذي يتحصل من الكلام المذكور أن الحقيقة الدينية عندهم ما يتعلق بأصول الدين ويكون الشرعية أعم من ذلك ، أو خصوص ما يتعلق بأفعال الجوارح بناء على الاحتمال المتقدم ، فتعبيرهم عنها بأنها ما لا يعرف أهل اللغة لفظها أو معناها أو كليهما فاسد كما عرفت . وحيث إن الحقيقة الشرعية منسوبة إلى وضع الشارع - كما هو قضية حدها المذكور وغيرها - أو ما هو أعم منه حسب ما مر فبالحري أن نشير إلى معناه . فنقول : قد نص بعضهم بأن الشارع هو النبي ( صلى الله عليه وآله ) بل عزى ذلك بعض الأفاضل إلى ظاهر كلام القوم ، وهو قضية ما ذكروه في المقام وغيره فإن ثبت كونه حقيقة عرفية فيه ( صلى الله عليه وآله ) كما ادعاه بعضهم فلا كلام ، وإلا فإن اخذ اللفظ على مقتضى وضعه